بقلم : جمال كريمي بنشقرون
باحث في العلوم السياسية
للانتخابات طقوس ترتبط جدليا بالأحزاب السياسية وكيفية تصريف خطابها الانتخابي، أولا من خلال تقديم وتزكية مرشحيها، وثانيا من جهة الحملة الانتخابية،فلقد عرفت الانتخابات بالمغرب وتعرف بطقوس ذات خصوصية محلية بحكم التنوع الثقافي وشساعة الدوائر، والبناء القبلي الذي تعرفه اغلب المناطق.
فكما سبقت الإشارة إليه في مقالنا السابق حول السلوك الانتخابي، خلف نمط الاقتراع صراعا داخليا للأحزاب حول موضوع الترشيحات وهي إحدى الطقوس الأولية والأساسية لتقديم ترشيحات الأحزاب بالأساس دون استثناء ترشيحات اللامنتمون، مما تسبب في التحاق بعض الأشخاص بأحزاب أخرى قصد تحقيق طموحهم في تزعم اللائحة، ومن هنا طرحت ارتجالية أغلب الهيئات السياسية في وضع لوائحها بسبب غياب الفعل التنظيمي، وعدم التواجد أحيانا، وبالمقابل توجهت القيادات بفرض المرشحين على القواعد الشكلية للأحزاب التي خلقت فقط للفترات الانتخابية، كما لوحظ أن بعض الأحزاب تتوجه للبحث عن مرشحين من خارج الحزب، إما لعدم وجود من يمثل الحزب أو لرفض المناضلين لذلك، حيث يضعون نصب أعينهم مسألة الترشيح لنيل مقعد لا لتقديم الترشيح السياسي أو النضالي فقط.
لتأتي مرحلة الحملة الانتخابية،كأهم مراحل العملية الانتخابية، والتي من شأنها أن تحسم في مصداقية اللوائح والمرشيحين فيها أو عدمها، وكذلك تعد مناسبة لخلق نوع من التواصل المباشر بين المرشحين والمواطنين، فلقد مرت الحملات الانتخابية السابقة (الجماعية 2003 والبرلمانية 2007) في أجواء تختلف من حزب لآخر، وحسب إمكانيات هذا الحزب وإمكانيات ذلك الحزب وارتبطت معظم الحملات الانتخابية بمعطى أساسي، وهو مسألة التمويل، فهناك من الأحزاب من ساهم مرشحوها بمالهم الخاص في تمويل الحملات، ومن الأحزاب من اكتفت فقط بالمساهمة التي خصصتها الدولة لذلك، وقد طفا على السطح عنصر القبلية بشكل كبير في تنظيم الحملات الانتخابية لدى بعض المرشحين ، فيما اكتفت أحزاب تاريخية بدخول الحملة بمناضليها ومنخرطيها، والتجأت أحزاب أخرى ضعيفة إلى استخدام أناس في حاجة للمال لهذا الغرض طيلة مدة الحملة الانتخابية المحددة في 15 يوما، وقد عرفت الحملة الانتخابية مشادات كلامية بين الأحزاب، خصوصا بالأسواق الأسبوعية، حيث لوحظت لوحات واستعراضات باستخدام الشاحنات والسيارات بمختلف أنواعها، وترديد شعارات تختلف من حزب لآخر حسب توجهه السياسي وهدفه من الحملة الانتخابية التي بنت عليها بعض الأحزاب توجهها لملامسة قضايا المواطن والتحاور معه واعتبارها عرسا نضاليا ومحطة لتصريف الخطاب السياسي ونشر البرامج العامة لتنظيماتها، في الوقت الذي بنت فيه أحزاب أخرى تصورها الانتخابي على البهرجة والاحتفالية بتوظيف مجموعات غنائية راقصة، واستخدام سماسرة لشراء أصوات الناخبين.
وحسب التصور العام للحملة الانتخابية عند الأحزاب، لم تكتف هذه الأخيرة ومرشحوها بالأساليب التقليدية التي درجت عليها في الماضي، والمتمثلة في عقد لقاءات جماهيرية للتعبئة، سواء على الصعيد المركزي أو المحلي، وذلك بغية إعطاء دفعة قوية للمرشحين، وتوزيع المنشورات دون اكتراث إن كانت ستقرأ أو سترمى أو ستلف فيها التوابل، بل طرقت أبواب تواصل جديد تعتمد اللقاء الشخصي بالناخبين ومصافحتهم، مع ما تخلل ذلك من منابزات لفظية ومشاداة كلامية بين بعض المرشحين والمنتخبين السابقين بالدوائر وتوزيع أشرطة دعائية في تجربة فريدة تتغنى بالخصال الحميدة للمرشحين وبرموز الأحزاب، وكذلك استحداث مواقع الكترونية على الانترنيت.
وبناء على ما سبق الإشارة له نطرح سؤالا حول الانتخابات الجماعية التي هي على الأبواب ،وأيام معدودة تفصلنا عن انطلاق الحملة الانتخابية ،كيف ستمر الحملة الانتخابية في ظل المتغيرات الجديدة والمرتبطة أساسا بشبح أصبح يخيف الجميع هو ضعف المشاركة السياسية، بالإضافة إلى حاجر تجاوز عتبة 6بالمائة؟ وهل سنرى طقوسا جديدة دون التي ألفناها سابقا؟ومن تم إقناع الناخبين بالتصويت والذهاب إلى مكاتب الاقتراع ،على اعتبار أن لعملية التصويت هي الأخرى طقوسا تؤكد على أن لكل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية طقوسها الخاصة،ومن المشاهد المألوفة نلاحظ تنظيم قوافل بالبوادي لجموع من المواطنين ونقلهم بالشاحنات وكل وسائل النقل المناسبة والغير المناسبة للتصويت، في ظل بعد بعض مكاتب التصويت عن محلات السكن، وهذا في حد ذاته يعتبر توجيها لإرادة الناخب أو حملة غير مشروعة للمرشحين تمارس خلال يوم التصويت،ومن الصور الأخرى صورة التجمعات الصغرى والكبرى أمام مكاتب التصويت لأناس في الظاهر هم ناخبون لم يصوتوا بعد،ولكن في الباطن هم سماسرة لهم دور أساسي في توجيه عملية التصويت،إنها طقوس لها أناس مختصون فسؤال الحال هو أي تطور سيحدث ويكون؟
الجواب ننتظره جميعا بعد اقتراع 12 يونيو 2009 ،لنقف جميعا على استخلاص خلاصات تبرز في النهاية دور كل المتدخلين في العملية الانتخابية ونضع على إثرها تحليلا لمشهد انتخابي مند بدايته حتى نهايته .
ومن جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أن "تخليق" الإدارة المغربية ضرورة ملحة لصحة وسلامة العمليات الانتخابية، ذلك أنه كثرت المطالب لرفع إدارة الداخلية يدها عن تنظيم العمليات الانتخابية وتسييرها في نفس الوقت، حيث لاحظ بعض المختصين والباحثين، وجود ازدواجية للاختصاص الوظيفي في المجال الانتخابي بالمغرب، هذا الازدواج قد أثر سلبا أمام التمسك بفكرة التحكم في المسار الانتخابي في المغرب، بما شاب التجارب السابقة من غش وتزوير، و أسهم إلى حد بعيد في إضعاف دور الأطراف المتداخلة في العملية الانتخابية وغياب المصداقية، مما أدى ببعض الباحثين في علم السياسة للمطالبة بإحداث إدارة خاصة بالانتخابات Administration électorale تكون مستقلة ومحايدة، على غرار بعض الدول الديمقراطية المجاورة للمغرب كإسبانيا.
للانتخابات طقوس ترتبط جدليا بالأحزاب السياسية وكيفية تصريف خطابها الانتخابي، أولا من خلال تقديم وتزكية مرشحيها، وثانيا من جهة الحملة الانتخابية،فلقد عرفت الانتخابات بالمغرب وتعرف بطقوس ذات خصوصية محلية بحكم التنوع الثقافي وشساعة الدوائر، والبناء القبلي الذي تعرفه اغلب المناطق.
فكما سبقت الإشارة إليه في مقالنا السابق حول السلوك الانتخابي، خلف نمط الاقتراع صراعا داخليا للأحزاب حول موضوع الترشيحات وهي إحدى الطقوس الأولية والأساسية لتقديم ترشيحات الأحزاب بالأساس دون استثناء ترشيحات اللامنتمون، مما تسبب في التحاق بعض الأشخاص بأحزاب أخرى قصد تحقيق طموحهم في تزعم اللائحة، ومن هنا طرحت ارتجالية أغلب الهيئات السياسية في وضع لوائحها بسبب غياب الفعل التنظيمي، وعدم التواجد أحيانا، وبالمقابل توجهت القيادات بفرض المرشحين على القواعد الشكلية للأحزاب التي خلقت فقط للفترات الانتخابية، كما لوحظ أن بعض الأحزاب تتوجه للبحث عن مرشحين من خارج الحزب، إما لعدم وجود من يمثل الحزب أو لرفض المناضلين لذلك، حيث يضعون نصب أعينهم مسألة الترشيح لنيل مقعد لا لتقديم الترشيح السياسي أو النضالي فقط.
لتأتي مرحلة الحملة الانتخابية،كأهم مراحل العملية الانتخابية، والتي من شأنها أن تحسم في مصداقية اللوائح والمرشيحين فيها أو عدمها، وكذلك تعد مناسبة لخلق نوع من التواصل المباشر بين المرشحين والمواطنين، فلقد مرت الحملات الانتخابية السابقة (الجماعية 2003 والبرلمانية 2007) في أجواء تختلف من حزب لآخر، وحسب إمكانيات هذا الحزب وإمكانيات ذلك الحزب وارتبطت معظم الحملات الانتخابية بمعطى أساسي، وهو مسألة التمويل، فهناك من الأحزاب من ساهم مرشحوها بمالهم الخاص في تمويل الحملات، ومن الأحزاب من اكتفت فقط بالمساهمة التي خصصتها الدولة لذلك، وقد طفا على السطح عنصر القبلية بشكل كبير في تنظيم الحملات الانتخابية لدى بعض المرشحين ، فيما اكتفت أحزاب تاريخية بدخول الحملة بمناضليها ومنخرطيها، والتجأت أحزاب أخرى ضعيفة إلى استخدام أناس في حاجة للمال لهذا الغرض طيلة مدة الحملة الانتخابية المحددة في 15 يوما، وقد عرفت الحملة الانتخابية مشادات كلامية بين الأحزاب، خصوصا بالأسواق الأسبوعية، حيث لوحظت لوحات واستعراضات باستخدام الشاحنات والسيارات بمختلف أنواعها، وترديد شعارات تختلف من حزب لآخر حسب توجهه السياسي وهدفه من الحملة الانتخابية التي بنت عليها بعض الأحزاب توجهها لملامسة قضايا المواطن والتحاور معه واعتبارها عرسا نضاليا ومحطة لتصريف الخطاب السياسي ونشر البرامج العامة لتنظيماتها، في الوقت الذي بنت فيه أحزاب أخرى تصورها الانتخابي على البهرجة والاحتفالية بتوظيف مجموعات غنائية راقصة، واستخدام سماسرة لشراء أصوات الناخبين.
وحسب التصور العام للحملة الانتخابية عند الأحزاب، لم تكتف هذه الأخيرة ومرشحوها بالأساليب التقليدية التي درجت عليها في الماضي، والمتمثلة في عقد لقاءات جماهيرية للتعبئة، سواء على الصعيد المركزي أو المحلي، وذلك بغية إعطاء دفعة قوية للمرشحين، وتوزيع المنشورات دون اكتراث إن كانت ستقرأ أو سترمى أو ستلف فيها التوابل، بل طرقت أبواب تواصل جديد تعتمد اللقاء الشخصي بالناخبين ومصافحتهم، مع ما تخلل ذلك من منابزات لفظية ومشاداة كلامية بين بعض المرشحين والمنتخبين السابقين بالدوائر وتوزيع أشرطة دعائية في تجربة فريدة تتغنى بالخصال الحميدة للمرشحين وبرموز الأحزاب، وكذلك استحداث مواقع الكترونية على الانترنيت.
وبناء على ما سبق الإشارة له نطرح سؤالا حول الانتخابات الجماعية التي هي على الأبواب ،وأيام معدودة تفصلنا عن انطلاق الحملة الانتخابية ،كيف ستمر الحملة الانتخابية في ظل المتغيرات الجديدة والمرتبطة أساسا بشبح أصبح يخيف الجميع هو ضعف المشاركة السياسية، بالإضافة إلى حاجر تجاوز عتبة 6بالمائة؟ وهل سنرى طقوسا جديدة دون التي ألفناها سابقا؟ومن تم إقناع الناخبين بالتصويت والذهاب إلى مكاتب الاقتراع ،على اعتبار أن لعملية التصويت هي الأخرى طقوسا تؤكد على أن لكل مرحلة من مراحل العملية الانتخابية طقوسها الخاصة،ومن المشاهد المألوفة نلاحظ تنظيم قوافل بالبوادي لجموع من المواطنين ونقلهم بالشاحنات وكل وسائل النقل المناسبة والغير المناسبة للتصويت، في ظل بعد بعض مكاتب التصويت عن محلات السكن، وهذا في حد ذاته يعتبر توجيها لإرادة الناخب أو حملة غير مشروعة للمرشحين تمارس خلال يوم التصويت،ومن الصور الأخرى صورة التجمعات الصغرى والكبرى أمام مكاتب التصويت لأناس في الظاهر هم ناخبون لم يصوتوا بعد،ولكن في الباطن هم سماسرة لهم دور أساسي في توجيه عملية التصويت،إنها طقوس لها أناس مختصون فسؤال الحال هو أي تطور سيحدث ويكون؟
الجواب ننتظره جميعا بعد اقتراع 12 يونيو 2009 ،لنقف جميعا على استخلاص خلاصات تبرز في النهاية دور كل المتدخلين في العملية الانتخابية ونضع على إثرها تحليلا لمشهد انتخابي مند بدايته حتى نهايته .
ومن جهة أخرى تجدر الإشارة إلى أن "تخليق" الإدارة المغربية ضرورة ملحة لصحة وسلامة العمليات الانتخابية، ذلك أنه كثرت المطالب لرفع إدارة الداخلية يدها عن تنظيم العمليات الانتخابية وتسييرها في نفس الوقت، حيث لاحظ بعض المختصين والباحثين، وجود ازدواجية للاختصاص الوظيفي في المجال الانتخابي بالمغرب، هذا الازدواج قد أثر سلبا أمام التمسك بفكرة التحكم في المسار الانتخابي في المغرب، بما شاب التجارب السابقة من غش وتزوير، و أسهم إلى حد بعيد في إضعاف دور الأطراف المتداخلة في العملية الانتخابية وغياب المصداقية، مما أدى ببعض الباحثين في علم السياسة للمطالبة بإحداث إدارة خاصة بالانتخابات Administration électorale تكون مستقلة ومحايدة، على غرار بعض الدول الديمقراطية المجاورة للمغرب كإسبانيا.