بقلم محمد الحنفي
مقدمة :
كلما حلت الانتخابات الجماعية إلا ونجد حضور الاهتمام المتزايد عند المواطن العادي قبل المواطن المنتمي إلى حزب معين وقبل المتحمل لإحدى مستويات المسؤولية في الأجهزة المشرفة على تنظيم الانتخابات سواء كانت ذات بعد وطني ،أو ذات بعد محلي . وحضور الاهتمام عند المواطن العادي ليس من أجل الانخراط فيها ولا من أجل الرهان على نزاهتها ولا من أجل الانخراط فيها ولا من أجل الرهان على نزاهتها ، ولا من اجل كونها تفرز مسؤولين جماعيين يتحملون مسؤولية خدمة مصالح المواطنين الآنية والمحلية .بل في تحمل المسؤوليات الجماعية أو ظهور مسؤولين جدد يدخلون مباشرة في استغلال الموارد الجماعية وأمام أنظار الجهة الوصية من أجل إحداث تراكم رأسمالي ينقلهم من وضعية الانسحاق التي كانوا يعانون منها إلى وضعية التسلق المتسارع في اتجاه التمركز إلى جانب البورجوازيين التابعين والإقطاعيين وشبه الإقطاعيين . ولذلك فالمواطن يعتبر الانتخابات مناسبة لوصول أناس إلى درجة الانتفاخ إلى درجة الفرقعة أو الذين يأخذون طريقهم نحو الانتفاخ فهي إذن مناسبة لتفريغ البورجوازية بصيغتها المغربية التي لا علاقة لها بالبورجوازية الحقيقية على مستوى العقلية وعلى مستوى الممارسة . وبذلك نجد المواطن العادي أكثر بعدا من أن يعتبر الانتخابات الجماعية مناسبة للاختيار الحر والنزيه للبرامج والأشخاص . سواء تعلق الأمر بالتصويت بواسطة اللائحة أو بالتصويت الفردي . لأنه في كلتا الحالتين يعود الأمر إلى الجهات الوصية التي لها وحدها الحق في إخراج الانتخابات حسب تصورها .

الانتخابات الجماعية بين المفهوم والواقع :
فهل يمكن أن تقوم انتخابات جماعية حقيقية انطلاقا من الشعارات التي ترفعها الجهات المسؤولة عن الإعداد لها ، أو التي تروج لها الأحزاب الحكومية ؟أو أحزاب المعارضة الرسمية ؟ إننا عندما نخضع الانتخابات الجماعية للنقاش فإنه يجب علينا أن نميز بين مستويين : مستوى المفهوم ، ومستوى الواقع .
فعلى مستوى المفهوم نجد أن الانتخابات الجماعية هي مناسبة لتمكين الشعب المغربي من الاختيار الحر والنزيه لممثليه الحقيقين في إطار المناقشة الحرة والنزيهة . وفي مناخ ديموقراطي حقيقي يتمتع فيه جميع أفراد الشعب المغربي بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية دون ضغط أو توجيه من أية جهة ، وثقة الناخبين والمواطنين بصفة عامة من جهة أخرى حتى يشعر الأعضاء الجماعيون بثقل المسؤولية الملقاة على عاتقهم ويتحملون مسؤولية التسيير الجماعي بنزاهة واحترام ما التزموا به أمام الناخبين من جهة وأمام الرأي العام المحلي والوطني من جهة أخرى من اجل أن تلعب الجماعات المحلية دورها الكامل في التنمية المحلية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية لاخراج المواطن البسيط من دائرة التخلف المصحوب باليأس إلى دائرة التقدم و الأمل في المستقبل . لأن العمل الجماعي هو ممارسة يومية ، ومواكبة مستديمة لما يجري في الحياة ، وتنظيم لما يجري في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإدارية عن طريق الاحتكاك المباشر بالشؤون العامة للجماعة المحلية .التي يتجول فيها الاعضاء الجماعيون الشرفاء إلى هيئة للتقرير والتنفيذ في نفس الوقت . في الأمور التي تهم مسار الحياة العامة . والتي تهم في نفس الوقت مسار الحياة الخاصة الأفراد والأمر .
أما على مستوى والواقع فإن الأمر يختلف من منطلق أن الانتخابات الجماعية تختبر مناسبة للتباري في شراء الضمائر من أجل الحصول على الأغلبية للتمكن من السيطرة على مكتب المجلس والوصول إلى الرئاسة التي تعتبر وسيلة للتصرف المطلق في مواريث الجماعة وفي ممتلكاتها وتسخير كل ذلك في تحقيق الإثراء السريع سواء تعلق الأمر بالرئيس أو بأعضاء المكتب والأعضاء الموالين له أو بعض الموظفين المتصرفين الذين يعرفون من أين تأكل الكتف ويستغلون هم الرئيس وحاشيته للوصول إلى تحقيق الثراء الذي لا يتناسب أبدا لا من قريب ولا من بعيد مع حجم دخلهم من وظائفهم الجماعية . ودون حياء يذكر من المواطنين البسطاء الذين يعملون السر و أخفى عن ممارسة من يتمكن من التصرف في موارد الجماعة سواء كان عضوا جماعيا ،أو موظفا متصرفا .والتباري في شراء الذمم كما حصل في مختلف المحطات الانتخابية الجماعية والبرلمانية أصبح مرضا عضالا يؤدي إلى تحقيق هدفين أساسين :
الهدف الأول : جعل قطاع عريض من الناخبين ومن المواطنين البسطاء مصابون باليأس من الانتخابات كيفما كانت هويتها لافتقادها لشروط النزاهة والاختيار الحر ولغياب برامج جماعية تمس اهتمام المواطن ورغبته في تغيير أوضاع البلاد لاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية والسياسية .
والهدف الثاني : تمكين الجهة الوصية والمشرفة على إجراء الانتخابات في نفس الوقت من اجل فبركة نتائج الانتخابات وفق ما تقتضيه مصلحتها . وإرضاء الأحزاب التي تبرهن عن خدمتها واستجابتها وقبولها لما تقرره الجهة الوصية والمشرفة على إجراء الانتخابات .
وبذلك تكون الانتخابات الجماعية كسابقاتها بعيدة عن أن تكون حرة ونزيهة ومعبرة عن إرادة المواطنين أنى كانت هذه الجماعة. وبعدها عن النزاهة والاحترام وإرادة المواطنين يجعل منها مناسبة لإفراز مجالس لا علاقة لها إلا بنهب المداخيل الجماعية لحساب الأعضاء والمتصرفين الجماعيين ودون وجود هيأة للمراقبة ولمحاسبة والتتبع اليومي لما يجري في الجماعات المحلية .

عوامل إفساد العملية الانتخابية :
و في اعتقادي إن فساد العملية الانتخابية لا يأتي هكذا و بطريقة تلقائية خارجة عن إرادة الأحزاب، و الأعضاء الجماعيين و عن إرادة الجهة الوصية و المشرفة في نفس الوقت بل إن فساد العملية الانتخابية هو نتيجة لمجموعة من العوامل التي إذا أضفناها إلى غياب دستور يكرس سيادة الشعب على نفسه، و غياب ممارسة ديمقراطية حقيقية، و غياب قوانين انتخابية و بضمانات تحول دون قيام ما يشوب العملية الانتخابية من أشكال التزوير، فإنها تمكننا من الخروج بخلاصة أساسية، و هذه الخلاصة هي " إن إجراء الانتخابات في ظل غياب شروط نزاهتها ضرب من العبث بمصير البلاد و العباد" و هذه العوامل هي :
1) لوائح الناخبين التي يشوبها الكثير من العيوب كما تعترف بذلك الكثير من الجهات. مما يجعلها فاقدة للمصداقية. و كان يجب أن يتم إلغاؤها، و أن يتم إعداد لوائح جديدة بناء على مقاييس محددة تجعل اللوائح مقبولة لدى الرأي العام و تكتسب مصداقية نسبية.
2) التقطيع الانتخابي الذي وضع ليخدم مصالح المؤسسة المخزنية من جهة، و إرضاء لجهات معينة بحكم مسؤوليتها الجماعية و البرلمانية حتى تضمن تواجدها في المؤسسات المنتخبة. و لذلك كان المفروض أن يعاد النظر في التقطيع الانتخابي. و على المستوى الجماعي و على المستوى الوطني، مع مراعاة مصالح السكان في ذلك التقطيع، و تغييب كل الحسابات الضيقة التي تستحضرها المؤسسة المخزنية أو الأحزاب التي تسبح في فلكها.
3) تحكم وزارة الداخلية و أجهزتها المحلية في إجراء الانتخابات و إخراج النتائج وفق ما تراه هي خاصة و أن تاريخ التزوير ارتبط بالخصوص بوزارة الداخلية. و لذلك فاستمرارها في الإشراف على إجراء الانتخابات يعتبر في حق المغرب. و كان يجب إنشاء هيأة مستقلة عن أجهزة الدولة للإشراف على الانتخابات ابتداء بوضع لوائح الناخبين و انتهاء بإعلان النتائج، مع إعطائها الصلاحية القانونية و السياسية الكاملة التي تمكنها من وضع حد للخروقات التي ترتكب في جميع المراحل في حينها و تقدم إلى القضاء كل المرتكبين لتلك الخروقات مهما كانت هويتهم.
4) طبيعة الحملة الانتخابية التي لا تكتفي بتقديم البرنامج إلى الناخبين و العمل على شرحه، بقدر ما يعمل المرشحون أثناءها على الاتجار في الضمائر و القيام بأعمال مسيئة إلى كرامة الناخبين، كإقامة الولائم، و توزيع المال الذي لا يعرف أحد مصدره، و تقديم الخمور إلى المهمشين، و ترويج المخدرات بشكل ملفت للانتباه، و تشكيل عصابات للانتقام من اتباع المرشحين الآخرين و أشياء أخرى، و أمام أنظار السلطات الوصية، التي لا تحرك ساكنا. و كان المفروض أن تتحرك الجهات المسؤولة لمنع كل ذلك باعتبارها خروقات انتخابية يعاقب عليها القانون، و العمل على تفعيل الجهاز القضائي الذي يجب أن يلعب دوره أثناء الحملة الانتخابية لصالح ضمان إجراء انتخابات حرة و نزيهة.
5) اعتبار الإدلاء بالأصوات مجرد مناسبة لابتزاز ديمقراطية الواجهة، ليتلاعب المشرفون على المكاتب الانتخابية في النتائج، و بموافقة ممثلي الهيئات السياسية في معظم الأحيان أو أن المحاضر المعتمدة تكون معدة مسبقا حتى يتم التحكم في النتائج و كان المفروض أن يعتبر الإدلاء بأصوات الناخبين عملا مقدسا يجب احترامه لكونه يعبر عن إرادة الشعب المغربي، و أن تحترم النتائج التي تسفر عنها عملية التصويت باعتبارها تعبيرا عن إرادة الشعب المغربي الذي تعتبر الانتخابات وسيلة لفرض سيادته على المسؤولين لا العكس. كما يحصل الآن حيث يعتبر التصويت مناسبة لفرض سيادة المؤسسة المخزنية، و من يسبح في فلكها.
6) و الكارثة الأعظم أن نتائج الانتخابات لا تكون تعبيرا عن إرادة الناخبين، و انطلاقا من صناديق الاقتراع، و دون ضغط من أية جهة، كيفما كانت. على أساس الاختيار الحر و النزيه بل تأتي نتيجة لما تختاره الجهة الوصية التي تعطي نفسها الحق في التلاعب بالنتائج لصالح هذه الجهة أو تلك. و تبعا لما تقتضيه مصلحتها. و لذلك فاعلان النتائج لا يمكن اعتباره إلا تدبيرا مخزنيا لعملية الانتخابات، و العمل على جعل النتائج في خدمة الهياكل القائمة، و ليس في خدمة الشعب المغربي الذي عليه أن يستمر في التضحية بمستقبل أبنائه ليبقى الذين تختارهم الجهات الوصية في طريقهم إلى التسلق الطبقي عن طريق استغلال الموارد الجماعية التي تستهدف كنس جيوب المواطنين.
فهل في مثل حالتنا تجرى انتخابات حرة و نزيهة ؟ إن الناخبين يعرفون، و الذين تختارهم الجهات الوصية كمنتخبين يعرفون، و المسؤولون يعرفون أن الشروط القائمة في المغرب بصفة عامة، و في منطقة الرحامنة بصفة خاصة، لا يمكن أن تفرز انتخابات حرة و نزيهة. فنسبة الفقر تفوق كل التقديرات، و الذين يستغلون المنطقة هم كمشة من الإقطاعيين و شبة الإقطاعيين، و من البورجوازية المتعفنة التي تنهب خيرات المنطقة بشراهة، و فرص الشغل منعدمة، و المعطلون الذين يحملون مؤهلات مختلفة يتزايدون سنة بعد سنة، و الارشاء و الارتشاء يضرب اطنابه في علاقة الإدارة أنى كانت هويتها بالمواطنين. و لذلك، و انطلاقا مما رأيناه أعلاه، فإن إجراء انتخابات حرة و نزيهة يحتاج إلى تغيير تلك الشروط، فهل يمكن الحديث عن افق لتغيير تلك الشروط ؟ هل يتم تغيير الدستور القائم بدستور يكرس سيادة الشعب المغربي ؟ هل يتم تغيير اللوائح الانتخابية القائمة بلوائح ذات مصداقية ؟ هل يعاد النظر في القوانين الانتخابية بما يتناسب مع ضمان سيادة الشعب على نفسه، و بما يضمن وضع حد لكل الخروقات التي تعرفها الانتخابات في مختلف المحطات؟ هل يتم تشكيل حكومة للإنقاذ الوطني من اجل إجراء الإصلاحات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية الضرورية لإجراء انتخابات حرة و نزيهة ؟ هل يتم تشكيل هيأة مستقلة للإشراف على نزاهة الانتخابات ؟ يقوم القضاء بدوره في وضع حد للخروقات التي تشوب عملية الانتخابات في مراحلها المختلفة ؟ هل تحترم إرادة الناخبين ؟

خاتمة :
و الخلاصة التي نصل إليها أن حالتنا على المستوى الوطني، و على المستوى المحلي في حاجة إلى تفحص عميق للأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية لمعرفة هل البنيات القائمة في المغرب هي التي تقف وراء التزوير ؟ أم أن ما يجري في الانتخابات تخطط له، و تنفذه الجهة الوصية ؟ و لما يقبل المواطنون بالنتائج التي يعلمون أنها مزورة ؟ و لماذا ترفض أحزاب معينة نتائج الانتخابات و تقبل بالبقاء في المؤسسات المزورة ؟ لماذا لا تنظم حملات للدعوة إلى حل المجالس التي يتبين الجميع أنها مزورة ؟ لماذا لا يوضع حد للاتجار في الضمائر في مختلف المحطات الانتخابية ؟ لماذا لا يتم تجريم إقامة الولائم في الحملات الانتخابية ؟ لماذا يقبل المشاركون في الانتخابات بالدستور الممنوح، و يمسكون عن المطالبة بالإصلاحات الدستورية كما كان يحصل من قبل ؟ إن الإجابة عن هذه التساؤلات ستقودنا إلى معرفة جوهر المشكل في العملية الانتخابية. و بالتالي فإن إيجاد حل لذلك المشكل يقتضي وجود برنامج نضالي ديمقراطي يساهم في وضعه المخلصون إلى هذا الشعب، و إلى تاريخه النضالي، و يعمل على أجرأة تنفيذه في مراحل محددة لأجل :
- إعادة النظر في الدستور حتى يصبح دستورا شعبيا.
- إعادة النظر في الهياكل الإدارية التي تمرست على التزوير الذي اصبح بالنسبة لها مرضا عضالا.
- إعادة النظر في القوانين الانتخابية حتى تكون ضامنة لإجراء انتخابات حرة و نزيهة.
- إعادة النظر في الجهة التي تشرف على الانتخابات.
- تفعيل الجهاز القضائي حتى يلعب دوره في المحطات الانتخابية.
- وقبل ذلك و بعده معالجة مختلف المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و السياسية باعتبارها مشاكل تساعد على التزوير.
و أي مشاركة في الانتخابات بدون حصول تغيير لصالح إجراء انتخابات حرة و نزيهة يعتبر ضربا من العبث، سواء كان التصويت فرديا أو باللائحة.
و في أفق إعادة النظر في مختلف المشاكل المطروحة، و العمل على إيجاد حلول لها، فليتنافس المتنافسون المخلصون و الغيورون على الشعب المغربي الذي قدر للانتخابات التي عرفها أن تكون مزورة، و قدر للأحزاب التي تدعي تمثيله أن تقبل بذلك التزوير، و أن تستفيد منه لحساب التسلق البورجوازي. و هو ما يحسب على هذه الأحزاب لا لها... و للكلام بقية.
محمد الحنفي
ابن جرير في 11/2/2003

جميعا من أجل محاربة الفساد الانتخابي بقلم امحمد عزيز

مرسلة بواسطة جمعية المدونين المغاربة On 21:13 0 التعليقات

تعتبر الانتخابات بالنسبة إلى الشعوب أشبه باتخاذ القرارات المصيرية التي تعني تغييرا جذريا في حياة الفرد، و هي بالتالي قد تؤثر على مستقبل الأجيال القادمة وهي بذلك تعتبر عنصرا جوهريا في الديمقراطية و هي لها بمثابة الروح للجسد و يتطلع المغاربة إلى الانتخابات الجماعية المقبلة المقرر إجراؤها في 12 يونيو 2009 وفي حوزتهم كما هائلا من الأسئلة.
ولقد تعرضت الانتخابات المغربية – التشريعية والجماعية- منذ بداية انطلاقتها مثلها مثل بقية الانتخابات في العالم العربي إلى سقطات ونكسات كثيرة ، حيث اتسمت بمفاسد انتخابية كبيرة، مثل شراء الأصوات ، وتدخل وزارة الداخلية بشكل سافر في مسار الانتخابات عبر تسهيل الخدمات الحكومية لبعض المرشحين وغيرها من مفاسد بالإضافة إلى الحياد السلبي اللادارة والتي لا تقوم بزجر و ردع رواد الفساد و الرشوة و تتكرر مشاهد الفضائح السياسية في المغرب مع كل عملية انتخابية جديدة، وتنتشر الخروقات التي تمس عمق التحول الديمقراطي الذي يراهن عليه المغرب، يغطيها غياب قضاء مستقل، وضعف التنشئة السياسية التي تلقتها فئات قليلة من المجتمع، بينما تغيب عند فئات عريضة، لتتحول كل عملية انتخابية إلى مجازر ترتكب في حق الديمقراطية والمصداقية آخرها وقائع انتخابات شتنبر 2007و وكذا ما عرفته الانتخابات الجزئية (شتنبر 2008) و ما صاحبها من خروقات غطت معظم جهات المملكة، لم يعطيها القضاء ما تستحقه من متابعة، و قد أدى ويؤدي تكرار مثل هذه المشاهد إلى:
•تراجع الوعي السياسي: من المسلمات التي أصبحت راسخة في الشارع المغربي كون شريحة كبيرة من المغاربة قد فقدوا ثقتهم في الشأن السياسي والسياسيين، وفي ما تفرزه الانتخابات، وما يصاحبها من خطابات تتغذى على قضايا هامشية، وتستغل معاناة المواطن لتوظيفها لأغراض انتخابية، لكن الخطير في الأمر هو اتجاه المثقف المغربي إلى نفس النتيجة، ليصبح أكبر الغائبين عن تعزيز مبادئ بناء دولة قوية في ظل العولمة الشرسة، والاستهداف الذي يطالها من الداخل والخارج .
•تراجع المشاركة السياسية: وهو ما دفع بهيئات مدنية وسياسة إلى تعبئة واسعة للتسجيل في الانتخابات، لكن هذه التعبئة تبقى ضعيفة لكونها لا تستجيب لتغيير جذري يتطلبه المشهد السياسي.
وفي ظل هذه الأوضاع التي تتسم بهذه الاختلالات الفادحة، بدأت في الآونة الأخيرة تظهر في المسرح السياسي بعض أعراض حمّـى الانتخابات الجماعية ، المقرر إجراؤها في 12 يونيو 2009 ، حيث تحولت العديد من الأحياء والشوارع الكبرى في بعض المدن المغربية إلى أوراش يعلوها الغبار، وضجيج الآلات، كما تحولت عدة مساحات، كانت قاحلة ومهملة إلى حدائق غناء في وقت قياسي، بيد أن المواطنين لم يستغربوا هذه الإصلاحات الموسمية التي اعتادوا عليها كلما هبت نسائم الانتخابات.
ورغم نفي بعض المسؤولين المحليين علاقة إصلاحاتهم بالانتخابات المقبلة، إلا أن تصريحاتهم لم تقنع الرأي العام خصوصا أن بعض الإصلاحات ظل ينادي بها السكان منذ سنوات طويلة، ولم تجد مكانها في أجندة هؤلاء المسؤولين إلا قبل أقل من ثلاثة أشهر عن موعد الاستحقاقات الانتخابات المقبلة.
ويعرف المغاربة هذا " العرف الانتخابي " منذ عقود، إذ تنشط عمليات ترصيف الشوارع، وتبليط الأزقة، ومد قنوات التطهير، وتحريك كل المشاريع التي كانت مجمدة، لتذكير الناخبين بمنتخبيهم الذين كان من النادر مصادفتهم في الدوائر التي صوتت عليهم قبل اقتراب موعد الانتخابات.
ولا يقتصر هذا "العرف الانتخابي " على الأزقة والشوارع، وبعض الحدائق التي كانت إلى عهد قريب عبارة عن مزابل تزعج السكان، بل تمتد إلى المساجد، حيث تشهد بعض الأحياء ببعض المدن تجهيز مساجدها ومدها بالزرابي، والساعات الحائطية، والمروحيات الهوائية من طرف بعض "المحسنين" الذين سبق لهم أن ترشحوا في الانتخابات الماضية، ويبدو أن أغلب المكونات السياسية المغربية لا تعترض على هذه السلوكات التي تصنف في خانة "الحملة الانتخابية السابقة لأوانها"، بقدر ما يقلقها ما تعرفه الساحة الوطنية من تسخير للوسائل والأدوات المملوكة للدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة وشبه العامة في حملة انتخابية سابقة لأوانها" لأن ذلك بمثابة "تحضير لإفساد العمليات الانتخابية".
وفي انتظار الثاني عشر من يونيو المقبل، على المواطنين أن يتحملوا المزيد من الضجيج والغبار الذي تحدثه آلات الجماعات المحلية (البلديات) من أجل ترصيف، وتشجير، وترميم الطرقات.
وأمام هذا الوضع ، وحتى لا تتكرر سيناريوهات الفساد الانتخابي التي عرفتها الانتخابات التشريعية (شتنبر 2007) وكذا الانتخابات الجزئية (شتنبر 2008) ، فإن الحكومة اليوم تجد نفسها أمام محك لإثبات مدى مصداقيتها وقدرتها على بسط النظام، ومدى جديتها في إعادة هيبة القانون والدفاع عنه من خلال مواجهة الفساد الانتخابي. وللتأكيد على حسن نيتها، فعلى الحكومة بالإضافة إلى كل مكونات المجتمع المدني أن تقوم باستخدام كل الوسائل من اجل محاربة الفساد الانتخابي، وعليها التصدي لمفسدي الانتخابات، مهما علا شأنهم، وعلى وزارة العدل مثلا أن تستعين بجميع الطرق التي يكفلها القانون، بما في ذلك التنصت الهاتفي لملاحقة كل من اشتبه فيه انه مفسد للانتخابات، من خلال شراء ذمة الناخبين، أو تبييض أمواله في المجال السياسي، ذلك لآن القانون الانتخابي يعتبر «إفساد الانتخابات جريمة تستوجب العقاب». كما يجب متابعة ورصد تحركات المرشحين وفضح الخروقات الانتخابية المتعلقة باستعمال المال العام في الحملات الانتخابية تحصينا لها من الشوائب والفساد الانتخابي ، ومن أجل احترام الإرادة الشعبية ، ومن اجل تشكيل مجالس وهيئات محلية نزيهة ومستقلة وقوية وقادرة على وضع استراتيجيات تنموية واقعية وعملية. وعلى الحكومة، في ذات السياق، أن تصدر دليلا انتخابيا يوضح بما لا يدع مجالا للشك لكل الأحزاب السياسية كيفية خوض حملة انتخابية نظيفة وكذا حثها على تفادي كل الخروقات الممكنة، وعلى هذه الوزارة و بتنسيق مع وزارة الداخلية، أن تحكم الطوق على مفسدي ا لانتخابات وذلك من أجل ضمان منافسة ديمقراطية حرة ونزيهة وشفافة بعيدة عن استغلال النفوذ وبعيدة عن استغلال المواقع، ومن أجل حماية المال العام في خضم الاستحقاقات المقبلة ، و ذلك في أفق المساهمة في تخليق الحياة العامة ونشر ثقافة القدوة والامتثال للقانون ومحاربة ناهبي المال العام .
ولكن و في ظل غياب قانون واضح لفترة ماقبل الحملة فانه يصعب تصنيف المخالفات ورصدها لان بعض الأحزاب وبواسطة بعض الجمعيات تقوم ، في الآونة ، الأخيرة بعمل الخير أو البر والإحسان بغايات انتخابية، كما أن تنظيم الولائم وتمويل حفلات الزفاف والختان والفحوص الطبية كلها أعمال يصعب تصنيفها في خانة الجرائم الانتخابية.
أما من جهة المواطن - كناخب - فعليه أن لا يذهب إلى الانتخابات المقبلة و كأنه ذاهب إلى حفلة أو فسحة أو مناسبة دينية أو اجتماعية، لأن المشاركة في الانتخابات تقتضي وعيا سياسيا و اجتماعيا يمكن الناخب من الاحتراس من الوقوع في فخ المفسدين وسماسرة الانتخابات، وتقتضي أيضا الإحاطة بأسرار و خفايا العملية السياسية، و هو ما يقتضي أيضا أن يشارك الفرد مجموعة من الناخبين من أمثاله في البحث عن المرشح الأنسب و الأكفأ و المناسب في المكان المناسب ، و هذا الأمر و إن كان نسبيا بمعنى أن لا رجل مثالي و مناسب مائة بالمائة، إلا أن الديمقراطية و الانتخابات تعني البحث عن أفضل الموجود، وعليه فإن الناخب يمكنه الاسترشاد بهذه القائمة من المواصفات، فيعمل على تقييم المرشحين، حتى يختار الأكثر ملائمة لشغل منصب رئيس وأعضاء المجلس الجماعي ، فلا يندم على اختياره فيما بعد، ولا يلوم هؤلاء المسؤولين المحليين إذا ما قصروا في أداء رسالتهم، ومن بين تلك المواصفات التي ينبغي توفرها في هذا المرشح اوذاك نقترح ما يلي:
1- قيـم النزاهـة والشفافيـة واحـترام القانـون:
•غير متورط في شراء الأصوات بالمال أو الهدايا أو الخدمات،
•يتصدى للفاسدين سياسيا وماليا وإداريا،
•مشهود له بالنزاهة والاستقامة في حياته العامة،
•يساهم في كشف التجاوزات ومختلف أنواع الفساد بشكل موضوعي.
2- المؤهـلات الشخصيـة – الخـبرة والكفـاءة:
•صاحب مؤهل علمي.
•يهتم بالجوانب الاقتصادية ومشاريع التنمية،
•لديه إلمام بالجوانب القانونية والتشريعية ودراية بالقيم والمفاهيم الدستورية،
•لديه وعي سياسي بالقضايا المحلية والإقليمية وإلمام بالقضايا الدولية.
•لديه خبرة في أحد القطاعات بالدولة، كالمجتمع المدني، أو القطاع الخاص، أو القطاع الحكومي، مع إلمام بهموم المجتمع وحاجاته.
3- السـمات الشخصيـة – القيـم الأخلاقيـة:
•يتسم بالقوة في الحق ويتمتع بالأمانة ،
•يمتلك الحكمة والموضوعية ،
•يتسم بالمصداقية والبعد عن الانتهازية ،
•لديه حس عال في مجال الرقابة على تطبيق القوانين،
4- الأطروحـات الفكريـة:
•لا يثير الأحقاد وينبذ العنصرية والتعصب القبلي،
•يقدم المصلحة العامة على المصلحة الشخصية ومصلحة الأقارب،.
•يؤمن بالانفتاح والتعاون مع الجماعات والأفراد كافة في إطار المصلحة العامة ،
•يمتلك رؤية تنموية شمولية للجماعة التي يمثلها.
5- البرنامـج الانتخـابي:
•يضع خطة عمل وأولويات واضحة المعالم تتضمن مجموعة من المشاريع التنموية الواقعية،
•يحتوي برنامجه الانتخابي على تصور لمكافحة مظاهر الفساد السياسي والإداري والمالي،
•يؤمن بالحريات ويطالب بمزيد من الشفافية ،
•يسعى إلى تطبيق النصوص القانونية بصورة عادلة وبدون أي تمييز وإقصاء بين أفراد المجتمع،
•يعمل على تنفيذ (قانون اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد) من خلال إقرار قانون الكشف عن الذمة المالية وقانون حق الاطلاع و قانون مكافحة الفساد.
و تأسيسا على ما ورد ذكره يبقى واردا بأن نقول بأن الناخب الذي يسترشد بهذه القائمة من المواصفات، قد يستطيع بالفعل أن يختار المرشح الأكثر ملائمة لشغل منصب رئيس وأعضاء المجلس الجماعي ،وفي ذات السياق يجب على جميع الأحزاب السياسية أن تراجع طريقة تزكية مرشحيها وأن لاتكون هذه التزكيات عبارة عن أوراق تمنح لمن هب ودب، كما يتضح بجلاء كبير بأن محاربة الرشوة والفساد الانتخابي ، واستغلال النفوذ، وتوزيع الغنائم، مسؤولية الجميع: سلطات وهيئات، مواطنين وجماعات... ،و بمعنى آخر فان كل مواطن مغربي رجلا وامرأة مسؤول ، ومؤسسات المجتمع المدني مسؤولة ، والقوى السياسية مسؤولة ، والإدارة الحكومية مسؤولة ، والسلطة السياسية مسؤولة . و نأمل جميعا أن يشكل استحقاق 12 يونيو 2009المقبل منعطفا على طريق الديمقراطية و محطة تحول نوعي في الممارسة السياسية النزيهة والمسؤولة، وإعلانا عن القطيعة مع الماضي، ليس فقط من زاوية ما كان يشوب الانتخابات من إفساد، بل أيضا، وهذا هو الأهم، من حيث تحول التشكيلات السياسية من 'كائنات انتخابية' إلى قوة اقتراحيه فعالة على أساس البرامج والإنجازات لأن المغرب قد عانى لعدة عقود الكثير من مظاهر التزوير والتزييف والتدليس، وكشفت التجربة حجم مخاطر العبث بإرادة الشعب، الذي كان يفضي إلى الفشل في تمكين البلاد من مؤسسات محترمة وقوية وقادرة على تحقيق إصلاحات جوهرية في البنيات الأساسية، إذ أن المؤسسات، التي تتشكل بالغش والتدليس، لا يمكن أن تنتج إلا كائنات فاسدة مغشوشة، والبضاعة الفاسدة لا يمكن الاعتماد عليها في قيادة المؤسسات نحو إصلاح جوهري ، من هذه الزاوية، ندرك جيدا أبعاد ودلالات الحرص على مسألة النزاهة، وتحميل الجميع مسؤولية التصدي لأعداء الديمقراطية.
وفي الأخير يمكن القول بأن الفساد الانتخابي الذي أضر بالتجربة الديمقراطية المغربية، سوف يستمر ويتفاقم ما لم تبادر الحكومة بشكل جاد وحازم في تطبيق القانون على الذي ينتهك القانون ويسيء لسمعة المغرب الذي نريده جميعا ، فإذا فشلت الحكومة في فرض النظام والقانون خاصة على من يسعى للوصول إلى المجالس الجماعية بطرق غير قانونية، فعلى هذه الحكومة السلام، وعليها أن تعلن عجزها وفشلها في أهم دور مناط بها، الأمر الذي من شأنه أن يزيد من رقعة الفساد العام والتسيب وفتح الأبواب أمام المفسدين ليعيثوا في الأرض فسادا.
لكن وبضمان المصداقية والشفافية واحترام القوانين، قد نضع البلاد على سكة التغيير الديمقراطي المؤدي حتما إلى محطة الحداثة والتقدم والتنمية الشاملة ذلك لأن هيبة القانون وقوة الدولة لا تتأتيان إلا من خلال الحزم في تطبيق القانون، خاصة اتجاه الممارسات التي تمزق المجتمع مثل الانتخابات التي تعمل على نشر الرشوة وشراء ضمائر المواطنين عبر شراء الأصوات الانتخابية، خصوصا إذا كانت هذه الممارسات صادرة من قبل أشخاص سوف يدخلون مجلسا يتولى تسيير شؤون ومستقبل جماعة محلية سواء تعلق الأمر بجماعة حضرية أو قروية . ومن المسؤوليات الجسيمة التي ينبغي أن يتحملها (الجميع) هي المحافظة على (المجتمع) وحمايته من الفساد في مختلف صوره معنوياً ومادياً.. فلنحارب جميعا الفساد الانتخابي، كما نحارب الإرهاب والجهل والأمية والسرطان...
azizmhammed8@gmail.com

حول ظاهرة سماسرة الانتخابات بقلم امحمد عزيز

مرسلة بواسطة جمعية المدونين المغاربة On 21:11 0 التعليقات

امحمد عزيز..
مع اقتراب كل محطة انتخابية بالمغرب، تتحول الساحة السياسة إلى ما يشبه السوق حيث تنتعش مهن وحرف عديدة في السوق الانتخابية بسبب الطلب الكبير الذي تواجهه من قبل أغلب الأحزاب والقوى السياسية في حملاتها الدعائية للانتخابات التشريعية والجماعية ومن بين هذه الحرف نذكر مهنة وسطاء أو سماسرة الانتخابات ، الذين يوجهون الكتلة الناخبة ويستميلونها لفائدة مرشح معين مقابل أقساط مالية يتم الاتفاق عليها مسبقا، ولقد باتت هذه الحرفة تؤثث المشهد الانتخابي المغربي، نظرا لقوة تأثيرها في توجيه الكتلة الناخبة في الاتجاهات التي تراها مناسبة لشهواتها المأجورة، والمفتوحة على كل التيارات حسب منطق العرض والطلب، لدرجة أصبحت معها بعض الكائنات الانتخابية تملك قلعات محصنة بفعل ضغط سماسرتها على الكتلة الناخبة، إن بواسطة المال العام مباشرة أو عن طريق خدمات أخرى تحركها الهواجس الانتخابية، ويمكن الاعتراف بأن تنامي هذه الطفيليات داخل المشهد الانتخابي المغربي مرده لغياب إرادة سياسية واضحة المعالم تمكن من تفعيل القنوات القانونية الزجرية للحد من تناسل هذه المظاهر المسيئة للتقدم الديمقراطي للبلاد، وقد ذهبت مجموعة من الفعاليات السياسية المغربية في تحليلها لتكاثر سريان هذا الداء في الجسم الانتخابي الوطني، للسياسية العامة التي تنهجها الدولة والمبنية أساسا على تشويه ملامح المشهد السياسي الوطني، باعتمادها الأساليب اللاديمقراطية في إقرار خريطة سياسية على المقاسات التي تخدم مصالحها غير الديمقراطية، ومن أهم الأسس الضامنة لاستمرار هذا الاضطراب في الأرقام الانتخابية المغربية تواجد تلك الكائنات الانتخابية التي تحولت مع مرور الزمن إلى ديناصورات انتخابية تتحكم في النتائج أشهرا قبل الاقتراع العام، بواسطة حفنة من السماسرة على اختلاف مواقع تواجدهم من الهرم المجتمعي ودرجاته، والتي أضحت تملك أزرار تحريك الكتلة الناخبة حسب الإملاءات الفوقية لأصحاب القرار، خاصة وأن أغلب هؤلاء (الشناقة) يدخلون في خانة الأعيان والأعوان أو بتعبير أقرب أصابع الإدارة الترابية الذين تسخرهم لتغليب كفة خدامها من المرشحين للانتخابات على اختلاف مستوياتها. و يحول هؤلاء السماسرة الساحة الانتخابية إلى سوق تتحكم فيها سلطة المال والجاه
ويشكل وسطاء وسماسرة الانتخابات في الغالب ، نقطة سوداء للأسف لا تزال متفشية بشكل كبير في الأوساط المغربية، يتوهج نشاطها مع كل موعد انتخابي جديد، لدرجة أصبح معها هذا النشاط يتحكم في الإرادة الشعبية على مجموعة من المستويات، ويشجع على تنامي أعداد المتدخلين في توجيه العملية الانتخابية والتأثير على حرية الناخبين في إقرار نتائج على مقاسات تخدم الدولة في تشويه المشهد السياسي الوطني. هذه الظاهرة تنشط على امتدادا المساحة الفاصلة بين المحطات الانتخابية، لاستدراج الكتلة الناخبة وتهييئها للمشاركة في العملية الانتخابية حسب الإملاءات التي يفرضها هؤلاء السماسرة، الذين ينتمون في أغلبيتهم لصغار المنتخبين ممن سهلت الإدارة الترابية عملية تمريرهم للمؤسسات المنتخبة المحلية لأجل القيام بهذا الدور في استمالة الهيئة الناخبة حسب الأوامر الفوقية، حيث تجتهد السلطة دائما في تطور وسائل تدخلها تماشيا مع تطوير العقلية المغربية، يحدث هذا الفعل في البلاد بإيعاز من القائمين على تدبير شؤونها العامة، دون أدنى اعتبار للبناء الديمقراطي الذي تنشده الأمة، فإلى متى ستستمر عملية سريان هذه الفيروسات في دماء مسلسلنا الانتخابي المغربي؟ ومتى تتوفر الإرادة السياسية الحقيقية في وضع قطيعة مع هذه الممارسات المشينة والمسيئة للمشوار الديمقراطي بالبلاد؟!
ويرجع انتشار ظاهرة سماسرة الانتخابات إلى العقليات الحزبية التي تملأ المشهد الحزبي الوطني والتي تتسابق في كل الاتجاهات لأجل ضمان استمرار وجودها داخل المؤسسات المنتخبة للمحافظة على مستوى تأثيرها داخل المشهد السياسي بواسطة القوة العددية لمنتخبيها داخل المؤسسات التشريعية أو المجالس الجماعية ، وأثناء هذا السباق العجيب في اتجاه حصد المقاعد البرلمانية أو الجماعية على الخصوص، تستعمل هذه المؤسسات الحزبية كل الوسائل المشروعة منها وغير المشروعة في سبيل تحقيق غاياتها الانتخابية ولو على عاتق الديمقراطية، ويتجلى هذا الأمر واضحا من خلال العينات التي تترشح باسم هذه الأحزاب والتي يدخل معظمها ضمن خانة، الأعيان/ بارونات المخدرات / الباطرونات / أصحاب الشكارة، مما يؤكد أن غاية الأحزاب تبرر وسيلتها في تزكية هؤلاء عوض مناضليها وأطرها، الشيء الذي أرجع بموجبه هؤلاء المراقبين المسؤولية للمؤسسات الحزبية محملين إياها الجزء الكبير في نسبة الأعطاب التي تخللت المسيرة الديمقراطية بالبلاد، خاصة وأن دستور المملكة قد أوكل للأحزاب مهمة تأطير المجتمع وتوجيهه بما يضمن التأسيس لبناء ديمقراطي يؤهل البلاد للانخراط في المنظومة الديمقراطية العالمية على الوجه الذي يشرفها. لقد انتشرت هذه الظاهرة بالمغرب لأسباب عديدة، أهمها الفساد الانتخابي الذي ساد لعقود، وتدني مستوى المنتخَبين، وجريهم وراء الامتيازات... لذلك ليس غريبا أن يندمج الناخب في اللعبة فيبحث بدوره عن مقابل مادي ظرفي.
وتعتبر ظاهرة "وسطاء وسماسرة الانتخابات" ظاهرة جزئية ترتبط بظاهرة عامة تقترن بغياب الديمقراطية السياسية على صعيد المجتمع المغربي ككل، فهي مجرد آلية لتحقيق هدف ترسيخ مشهد سياسي تنعدم فيه أسس النزاهة والشفافية واحترام إرادة الهيئة الناخبة، لذلك تبقى هذه الظاهرة مرتبطة بالعمليات الانتخابية عبر جميع مراحلها، ومرتبطة إلى حد كبير بطبيعة النظام السياسي القائم وكيفية إدارته للشأن العام بالمغرب، لأن غياب الإرادة السياسية لدمقرطة المجتمع تفتح المجال للعديد من المظاهر والظواهر السلبية لخلق مؤسسات مشوهة لا تعكس الإرادة الحقيقية للكلتة الناخبة ولا تنتج مؤسسات ذات مصداقية وفعالية، ومن بين هذه الظواهر هؤلاء "الوسطاء"، ويمكن القول بأن لهذه المظاهر السيئة ارتباط بأجهزة الدولة، الساهرة على العملية الانتخابية والتي تعمل دون هوادة على ترجيح كفة لون سياسي معين عن بقية الألوان السياسية الأخرى، لخلق خريطة سياسية على المقاس وتمرير أعيان من خلال هذه الانتخابات لمجارات السلطة في مختلف المشاريع السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، من جهة أخرى هناك كتلة منتخبة عن طريق التزوير والفساد والتدخلات، تتحكم في العديد من المؤسسات الجماعية، تقوم هي الأخرى بدور "الوساطة" عن طريق وسطائها الصغار من المواطنين، ووسطاء من الموظفين الجماعيين، كما تستغل الممتلكات العمومية وتوظف المال العمومي لاستمالة الكتلة الناخبة،وتسخر خدماتها في العديد من الجوانب الحياتية غير القانونية مقابل ضمان أصوات الهيئة الناخبة، والدليل أنه مع اقتراب أي موعد انتخابي تبرز إلى السطح ظاهرة البناء غير المرخص والبناء العشوائي وتنتعش بشكل خطير جدا، لهذا أقول بأن ظاهرة الوسطاء تبقى ظاهرة سياسية في العمق، وما هي إلا تجلي واضح لغياب الديمقراطية بالمغرب.
وفي الواقع فان أغلب هؤلاء الوسطاء أو السماسرة ينتمون للأحزاب السياسية المغربية مع العلم أن أحزابهم ترفع شعارات النزاهة والشفافية والاختيار الحر وما إلى ذلك من الشعارات المشابهة. وتستفيد أغلب الأحزاب المغربية من خدمات "سماسرة الانتخابات ، فالأحزاب التي كانت تستفيد من التزوير سابقا تريد أن تثبت أن نتائجها هي نفسها وبالتالي فإنها كانت ولا تزال ضمن أية ترتيبات يتم تحضيرها للمستقبل . وأما الأحزاب التي كانت تعتمد على الإقناع في جلب الأصوات، فإن مشاركتها في الحكومة في السنوات الأخيرة بدأت تنزع عنها مصداقية خطابها نتيجة عوامل عديدة، لذا لم يصبح أمامها إلا الاستمرار في التواجد على الساحة بكل الطرق الممكنة ولو بواسطة الاستنجاد بالسماسرة والوسطاء . ويمكن أن نخلص إلى أن التناقض الذي قد يقع فيه حزب ينبذ ظاهرة اللجوء إلى سماسرة الانتخابات، يكمن في أن التركيز لحد الآن يتم على "استعمال المال" لكن لا زال الحديث محتشما بخصوص "استعمال الخدمات" (الانتقالات، تسوية الأوضاع الإدارية، شراء أدوية، أضحية العيد....)، وهي كلها خدمات يمكن أن يدرجها الطرف المعني ضمن الخدمات الاجتماعية أو الإنسانية أو حتى البر والإحسان.
وهكذا فان الكل يتحمل المسؤولية في انتشار هذه الآفة السياسية ، فالدولة تتحمل المسؤولية وهي منطقية مع نفسها لأنها تعمل على إقامة مشهد سياسي محدد، ومضبوط على مقاسات معنية، يخضع لتوازنات محددة للتحكم في سير العملية السياسية بالبلاد، ومؤسسات المجتمع المدني تتحمل هي الأخرى المسؤولية لأنها لا زالت تحارب مظاهر هذه الآفة بشكل محتشم وبعض الجمعيات الحزبية تتحول بدورها إلى لعب دور الوساطة في الحملة الانتخابية ، والأحزاب هي الأخرى تتحمل مسؤولياتها لأنها تقبل بالتزوير طالما أنه يخدم مصالحها وفي حالات العكس ترفضه وتحتج على نتائجه، لذلك يبقى مفروضا على الأحزاب السياسية أن تخلق نفسها من خلال اختيارها للمرشحين وأن تحرص على توفرهم على شروط المصداقية والنزاهة والاستقامة، وهذا الجانب رغم أهميته إلا أن المؤسسات الحزبية، لا تراعيه حق مراعاته فقط يحركها هاجس حصد أغلبية الأصوات ونفخ عدد المقاعد داخل المؤسسات المنتخبة، لتوفر بواسطتها شروطا مريحة داخل المؤسسة التشريعية او المجالس الجماعية ، ومن مظاهر السلوكات السياسية للأحزاب أنها لم تعد تعتمد على مناضليها في الانتخابات، بل أصبحت تعتمد على أعيان القبائل وعلى باطرونات التمويل، دون أدنى اعتبار لعامل المصداقية والاستقامة، لذلك فإن الفساد لم يعد منحصرا في مؤسسات الدولة، بل امتدت إلى جوف الأحزاب، مما شوه ملامح المشهد السياسي وأفرغه في مصداقيته، الشيء الذي ترتبت عنه ظاهرة العزوف عن التصويت من طرف أفواج هائلة من الكتلة الناخبة، لأن حجم الإمساك عن الانتخابات وعدم المشاركة في العمليات السياسية يتزايد بشكل مخيف بالمغرب، والمسؤولية في هذا تبقى مسؤولية مشتركة.
وأعتقد أن الآثار السلبية التي تلحقها هذه الظاهرة تمس مستويين: المستوى الأول يتمثل في المس بشكل واضح في نزاهة العملية الانتخابية. فالناخب لم يعبر عن إرادته ولكنه باعها وقبض الثمن، وبالتالي فالاقتراع هنا لم يكن حرا ولا نزيها، بل وستكون الحصيلة كارثية بصفة عامة، لأننا سنكون أمام هيئة تمثيلية مغشوشة: فقلب الناخب في جهة وتصويته في جهة أخرى. لذا فإن كلما يتعلق بالترشيح والحملة الانتخابية، والإقناع والتأطير سيتراجع لتحل محله السمسرة، البيع والشراء،الامتيازات.... وهذا لن يسمح للبلاد بالتقدم في الاتجاه الصحيح. لكن الأخطر من كل هذا، هو المستوى الثاني الذي يهم ما بعد الاقتراع، حيث أنه مرة أخرى سيحرم الناخب نفسه من حقه في محاسبة المرشح الفائز. فلا يمكنه أن يلومه أو حتى أن يسأله أو يطلب منه خدمة أخرى، لأن الناخب/البائع قد قبض الثمن، والمنتخَب/المشتري أصبح حرا في البضاعة التي اشتراها. وتأسيسا على ما ورد ذكره يمكن القول بأن التخلص من هذه الممارسات المرضية، يقتضي برنامجا طويل الأمد. لكن هناك بعض التدابير التي يمكن الشروع في تطبيقها ما دامت لا تتطلب أية ميزانيات. فمن جهة أولى ينبغي سن نصوص قانونية أو إضافة بنود إلى القوانين الانتخابية الحالية تسمح للمجتمع المدني أن يتدخل عبر كل المراحل من خلال جمعياته وشبكاته تعزيزا لمصداقية الاقتراع، بل والسماح لها بأن تكون طرقا في كل القضايا التي تمس سير الاقتراع سواء أمام الهيئات الإدارية أو القضائية أو الإعلامية .ومن جهة أخرى، ينبغي الشروع في عقلنه وضعية المنتخَب من خلال تقليص الحصانة إلى أقصى حد ممكن، وتخفيض الرواتب والامتيازات . ويبقى السبيل الوحيد من أجل تجاوز هذه السلبيات التي ساهمت في تعطيل مسيرة البناء الديمقراطي بالمغرب، هو بناء الديمقراطية بمؤسسات ذات مصداقية وأن يحصل فصل سلط حقيقي بالبلاد، وأن تكون التشريعات تتضمن روح الديمقراطية، وتحترم إرادة الناخبين وأن تكون هناك آليات لتفعيل هذه المنظومة والترسانة القانونية التشريعية والإدارية التي تضمن الحفاظ على صوت الهيئة الناخبة، لأنه لا يعقل أن يتم استغلال الفاقة والحاجة والخصاص الذي يحيط بحياة المواطنين واستغلال القضايا التي تحتاج إلى حل، لاستمالة المواطنين للتصويت لفائدة جهة معينة، هذا الشكل اعتبره شخصيا تحقيرا للمواطنين وهذا في صلبه يؤثر على بناء ديمقراطية حقيقية، لذلك فإننا بحاجة إلى معركة جديدة للديمقراطية لا تنحصر في محاولة كسب أصوات الناخبين والمقاعد، إنما يجب أن تفعل وترسخ التربية على تقوية روح المواطنة، ليصبح بالفعل المواطن هو قلب العملية الانتخابية، لأنه كلما تحرر المواطن من مظاهر السمسرة و الاستلاب، كلما تمكن من الحسم في تحقيق ديمقراطية حقيقية.

“أيها المواطنون أموال المنتخبين حلال عليكم، وأصواتكم حرام عليهم”.
بقلم: هشام الدين
انه لحقا قلمي عاجز عن الكتابة أمام جملة من الظواهر السلبية والشاذة التي أصبح يعرفها مجتمعنا. فمع قرب حلول موسم ” المزاد العلني” آو ما يسمى ” البيع والشراء في الذمم الصماء” موسم الانتخابات الذي يرتكز أبطاله ” منتخبوه” على الفئة الكادحة من المجتمع، تلك الفئة الغير مبالية لا بنزاهة ولا شفافية هذه الاستحقاقات أكثر من اهتمامها وشغفها بقوت يوم قد يأتي أو لا يأتي، حتى لو كلف ملاء بطونهم إلى فساد انتخابي، وتراجع ديمقراطي..فذلك هم في غنى عنه طالما أن الفقر كاد أن يكون كفرا.. فقد قيل قديما ” جوع كلبك اتبعك” هي عبارة ستبقى راسخة في أدهان المواطنين المستضعفين الذين وصلوا إلى فهم معناها غبر مرور الزمان وتعاقب الأزمات..فهم من يعتبرونهم ” أي المرشحون” لقمة سائعة في أيديهم، يرفضون عليهم مجازاتهم والتصويت عليهم بمقابل حفنة من الدراهم معدودات، أو فنجان قهوة في أحيان أخرى، فتناسلة مع ذلك العديد من أوجه ” الرشوة” مع كل محطة انتخابية يعرفها المغرب.
إذن فكيف نضمن الشفافية والنزاهة للموعد ألاستحقاقي المقبل في ظل استفحال ظاهرة – البيع والشراء في الذمم- طالما أن أناسا يساقون ك…المدللة وراء أصحابها، وهذا والله قمة الجبن والغبن الذي يولد من بؤس ومعاناة الحياة الاجتماعية لمعظم المغاربة من الفئة الكادحة؟؟ وماذا تنتظر من محطة 12 يونيو التي يرى متتبعون أنها ستكون مرحلة حاسمة؟؟ خاصة إذا علمنا أن السواد من المواطنين عبر أكثر من مرة عن سخطه واستهجانه للانتخابات والتي غالبا ما تكون مصحوبة بمجموعة من الخروقات والتجاوزات من قبيل التزوير والإنزال المكثف يوم الاقتراع لمواطنين لم يسجلوا في اللوائح الانتخابية..ناهيك عن الخروقات التي تصاحب عملية التسجيل باللوائح كما هو الشأن بجماعة بوعرك التي عرفت فضيحة من العيار الثقيل بطلها قائد سلوان.
إن المغرب حكومة وشعبا عبر أكثر من مرة عن الرغبة الحقيقية لترسيخ الديمقراطية الحقيقية من خلال انتخابات دو شفافية ونزاهة لكن طفيليات الوطن وأعداءه لهم يدهم الطولى التي من شئنها تعكير صفو هذه المحطة التاريخية. فهل من رادع لأعداء الإصلاح والتغير؟؟ ومما لا شك فيه فأن كل المتتبعين للشأن السياسي ببلادنا يلاحظون الكيفية التي بدأت تظهر بها معظم الأحزاب السياسية المغربية على الساحة في الآونة الأخيرة، وذلك بعيد اقتراب موعد الاستحقاقات الجماعية التي تعتزم هاته الهيئات الدخول في خوض غمارها من الباب الضيق قصد إظهار برامجها التي كان يبدوا لن تنل ولو حتى أدنى استجابة من طرف المواطن المغربي، وذلك بعدما أصبح همه الوحيد هو كيفية الحصول على لقمة عيش من عرق جبينه، بعدما أن فقد الثقة في كل التيارات مهما تنوعت أنواعها وشعاراتها، لكن توجهها يبقى واحدا ألا وهو السعي وراء المكوث أكثر في مراكز قيل عنها أنها لا تخدم سوى أصحابها فقط، ولا تغير شيئا من هموم المواطنين.
فإذا كانت الطبقة الكادحة بالأمس القريب تأثرت بخطابات ما كان يسمى بالمعارضة وأنجرت وراء استراتيجياتهم التي كانوا يتبعونها ضنا منهم انه في حال وصول هؤلاء إلى مراكز القرار فلربما قد يتغير مستواهم المعيشي آو تتغير إستراتيجية الدولة بأكملها التي كانت ولا تزال تقتصر على طبقة معينة من الشعب المغربي، لكن بعد التجربة التوافقية التي بموجبها دخلت المعارضة إلى الحكومة وتسلمت مفاتيح خزانات القرار السياسي والاقتصادي سادت حالات التذمر في أوساط كبيرة من الشعب المغربي جراء نهج هؤلاء السياسيين الجدد لاستراتيجيات لم يشهدها المشهد السياسي حتى في زمن ما كان يسمى بسنوات الرصاص، إذ عمت الفوضى وكثرة الاختطافات وضلت ميزانيات الجماعات المحلية دون حسيب ولا رقيب حتى وان كانت هناك بعض المحاسبات المحتشمة فإنها تبقى مجرد تصفية حسابات سياسية ليس إلا، وهنا فقدت الدولة هيبتها ومصداقيتها مما جعل كل الشعب المغربي يفكر في هيئة إنصاف ومصالحة جديدة يستوجب إحداثها من جديد قصد النظر ليس في ملفات الماضي وإنما في قضايا الحاضر، والدليل على عدم اهتمام المواطن بالمجال السياسي الحزبي الضيق هي النتائج الكارثية التي مرت بها البلاد خلال الاستحقاقات التشريعية الماضية والتي لم تتعدى نسبة المشاركة فيها الثلاثين بالمائة، مما حدى بوزارة الداخلية إلى دق ناقوس الخطر خاصة بعدما أن أصبحت جل ساكنة المدن يتجمعون على شكل تنسيقيات جمعوية قصد تأطير المواطنين وإيصال مطالبهم إلى الجهات المسؤولة عبر وقفات احتجاجية منتظمت، ونذكر نموذجا ” اللجنة التنسيقية لفعاليات المجتمع المدني بشمال المغرب” التي وقفة في وجه المسؤولين الخونة، الفاشلين ضدا على مصالح المواطنين من الفئة الكادحة، والكل منا قد يتذكر تلك الوقفات بباب مليلية والمكتب الوطني للماء الصالح للشرب والكهرباء، ناهيك عن مسلسل الأزبال التي كانت أولى من نوعها وطنيا.. هاته الوقفات والنضالات جاءت بعدما أن فقد المواطنون كل ثقتهم في الهيئات السياسية، سواء المنتخبة محليا آو مركزية، لكن بالمقابل نرى في الآونة الأخيرة بعض وجوه منعدمي الضمير الذين لا يستحيون لا من الله ولا من أنفسهم يعودون من جديد وبألوان حزبية جديدة قصد خداع المواطن مرة أخرى والذي يبقى صوته شهادة أمام الله قد يحاسب عنها يوم القيامة.
هؤلاء الجراثيم البيادقة منعدمي الضمير..الذين زرعوا في الأرض فسادا دون حسيب ولا رقيب ولا حتى أن تطالهم يد العدالة ” التي بالمناسبة لم تجد طريقها إلا إلى الطبقة الكادحة والأقلام الطاهرة…” كي تسائلهم عن مصدر ثرواتهم وغناهم الفاحش، وذلك في زمن قياسي بعدما أن كانوا بمثابة متشردين فأصبحوا بين عشية وضحاها من الأعيان والمستثمرين. قلنا بهؤلاء ومن على دربهم ضاعت مصداقية الأحزاب السياسية التي تزكيهم وضاعت هيبة الدولة وضاعت امتنا وضاع رشدها لان العمل السياسي يكمن في استمراريته وتواصله الدائم مع المواطنين والاستماع إلى همومهم اليومية وليس الاستفاق من النوم كل موسم انتخابي لغرض الحصول على المقاعد وبعدها استبدال أرقام هواتفهم النقالة والعودة إلى النوم العميق، لكن الشعب المغربي بمشيئة الله هذه المرة سيلقن درسا لمن يحتاج إلى درس لن ينساه أبدا، خاصة بعد رواج مقولة على شكل فتوى في الشارع العام تقول للمواطنين : أموال المنتخبين حلال عليكم، وأصواتكم حرام عليهم” اللهم أني قد بلغت.

قراءة نقدية في الانتخابات المغربية بقلم نور الدين علوش

مرسلة بواسطة جمعية المدونين المغاربة On 20:59 0 التعليقات

مقدمة: إذا كانت الانتخابات في الدول الديمقراطية تعبر عن إرادة الشعوب ومصداقية العمل السياسي, فانها في المغرب لازالت بعيدة كل البعد عن إرادة الشعب المغربي ولا تعبر بصدق عن الخرطة السياسية المغربية.
بالرغم من كل الخطوات التي قطعها المغرب في الانتقال إلى الديمقراطية إلا أن جوهر الديمقراطية أي الانتخابات لازالت تعاني الكثير من الشوائب ولم نصل بعد إلى ما يطمح إليه الشعب المغربي في انتخابات نزيهة وتمثيلية سياسية حقيقية.
* المفهوم
الانتخاب عملية يدلي فيها الناس بأصواتهم للمرشح، أو الاقتراح الذي يفضلونه. وتُجرى الانتخابات لاختيار المسئولين في كثير من التنظيمات مثل الجمعيات والنقابات العمالية والنوادي الرياضية والاجتماعية، وكثير من المؤسسات العامة والخاصة.
يعتبر حق الانتخاب في الدول الديمقراطية، من أهم الممارسات السياسية. فهي وسيلة لنقل السلطة بطريقة سلمية من شخص أو مجموعة إلى شخص آخر أو مجموعة أخرى. وفي كثير من البلاد، يجرى أحيانًا، نوع آخر من الانتخابات يعرف باسم الاستفتاء للبت في مسائل دستورية أو سياسية مهمة.
تختلف إجراءات ونظم الانتخابات من بلدٍ لآخر، إلا أن هناك أسسًا معينة يجري العمل بها في كثير من البلاد.
وفي الغالب، يُنتخب رؤساء الدول والحكومات والهيئات التشريعية على فترات منتظمة. وإذا توفي عضو الهيئة التشريعية أو استقال، تُعقد انتخابات فرعية لانتخاب بديل يحل محله.
وفي البلدان الديمقراطية، يحق لكل المواطنين، فوق عمر محدد -عادة 18 أو 21 سنة- الإدلاء بأصواتهم ماداموا مسجلين، ولم يفقدوا هذا الحق لسبب أو لآخر. ويستثنى من ذلك الذين يعانون من مرض عقلي ومرتكبي بعض أنواع الجرائم.
تُجرى انتخابات الهيئات التشريعية (البرلمانات) عادةً، بالاقتراع السري. فكل شخص حر في التصويت دون أن يتأثر بالآخرين. وتتحدث وسائل الإعلام التي تشمل: الإذاعة والتلفاز، والمجلات والصحف عن المرشحين وعن المسائل المهمة المطروحة في الانتخابات بحرية(1)
الحملات الانتخابية
أغلب المرشحين في الانتخابات البرلمانية في كثير من البلاد، أعضاء في أحزاب سياسية. والأحزاب السياسية هي التي تختار مرشحيها وتساعدهم على الفوز بالدعاية لهم. ويقوم قادة الأحزاب بإلقاء الخطب ونشر البيانات عن سياسات أحزابهم.كما ينشط المتطوعون من كل حزب في دعوة الناس لتأييد مرشحي الحزب. وقد يتقدم بعض المرشحين للانتخاب مستقلين. وفي الوقت الحاضر، تلعب الإذاعة والتلفاز والصحف دورًا مهمًا في الحملات الانتخابية.
وفي يوم الانتخاب، يشرف على عمليات الاقتراع مسؤولون رسميون، للتأكد من سلامتها ودقة فحص عدد الأصوات الناخبة.
يتم الاقتراع في كثير من البلاد، بالتأشير على ورقة اقتراع ووضعها في صندوق الاقتراع الذي يكون عادةً، في غرفة خاصة دون رقيب. وفي بعض البلاد كالولايات المتحدة، تستخدم آلة تسجل كل اقتراع. وتضع كثير من البلاد قوانين صارمة تعاقب على أي عمل من شأنه إفساد نزاهة الانتخابات، مثل: رشوة الناخبين أو انتحال شخصية مقترع آخر.
كان حق الانتخاب في الماضي، قاصرًا على عدد قليل من الناس، فمثلاً لم تنل المرأة هذا الحق في بعض البلاد، إلا مؤخرًا. انظر: الحركة النسائية.
مازالت الانتخابات الديمقراطية في بعض البلاد غير متطورة، أو لم تطبق. ومنذ الثمانينيات من القرن العشرين تحول كثير من بلاد شرق أوروبا وإفريقيا من نظام الحزب الواحد إلى الانتخابات الحرة والتعددية الحزبية(2)
النظم الانتخابية
يقصد بالنظم الانتخابية عادة الأساليب والطرق المستعملة لعرض المترشحين وبرامجهم على الناخبين وفرز الأصوات وتحديد النتائج، والفقهاء يتفقون على أن الانتخابات هي الوسيلة الوحيدة لإسناد السلطة السياسية لمستحقيها في النظام الديمقراطي، حيث يقول الأستاذ ليون بردات في كتابه (الأيديولوجيات السياسية) بأنه لا يوجد شيء أهم في النظام الديمقراطي من الانتخاب(3)
* محددات السلوك السيياسي للمواطن المغربي
للحديث عن السلوك السياسي للمواطن المغربي يجب التمييز بين المحددات العامة لهذا السلوك ومحدداته الخاصة.
فماهي المحددات العامة؟ تنقسم المحددات العامة إلى نوعين :ماهو موضوعي حيث يمكن الاشارة إلى محددين هما الفقر والامية, وماهو ذاتي يمكن الاشارة إلى محددين : ضعف الالتزام الحزبي واللامبالاة(4)
اما المحددات الخاصة فيتم الحديث عنها في اطار الثقافة الانتخابية للمواطن المغربي , التي تتاسس على 3 عناصر :- العنصر الاول يرتبط بالكيفية الت ييتم بها تمثل دور المؤسات المنتخبة , حيث يتم التركيز على مصدراتخاد القرار وهو في جميع الحالات لايكمن فيها.
- العنصر الثاني يرتبط بالكيفية التي يتم بها تمثل طبيعة العمل داخل المؤسسسات المنتخبة فهو تشريف وليس تكليف بتعبير اوضح المؤسسات المنتخبة هي وسيلة للحصول على امتيازات وليس وسيلة للقيام بالتزامات
- العنصر الثالت يعود إلى عدم الايمان بجدوى التصويت , في هذه الثقافة لا يعتبر الصوت محددا مادام ان هنناك اليات اخرى محددة , وبالتالي يغدو التصويت مجرد تزكية وليس اختيارا.(5)
* ملاحظات حول الانتخابات المغربية
هناك مجموعة من الملاحظات ينبغي الاشارة اليها :- اولا ظاهرة انخفاظ المشاركة في الانتخابات المغربية منذ استحقاقات 1984 على الاقل
-ثانيا يلاحظ بوضوح ان ظاهرة مقاطعة الانتخابت المغربية تتزايد رقعتها كلما قل تدخل الدولة ( وزارة الداخلية بالتحديد)
- ان نمط الاقتراع في حد ذاته ادى إلى بعثرة العمق السوسيولوجي للقاعدة الانتخابية للمرشحين سواء في البوادب او في المدن. واذاكان ملموسا اليوم ان نمط الاقتراع الجاري به العمل نظام فاشل على مستوى التحليل السياسي للنتائج النهائية الرسمية من حيث يؤدي إلى انتاج حقل سياسي ضعيف لا وجود فيه لاقطاب سياسية قوية قادرة على تجديد المشهد وتغيير الحياة السياسية في المغرب فان هذا النمط من الاقتراع في حد ذاته بحكم قيامه على نظام الدوائر الانتخابية الشاسعة ادى كذلك إلى ضعف تواصل المرشحين مع الناخبين
- كانت نسبة المشاركة في انتخابات 2007 ضعيفة بنسبة قياسية رغم الحملة الحكومية القوية والواسعة النطاق للدعوة إلى المشاركة(6)
* التقطيع الانتخابي وهندسة المشهد السياسي
اذاكان التقطيع الانتخابي في الدول الديمقراطية من اختصاصات البرلمان فانه في المغرب من اختصاص الحكومة وخاصة الوزارة الداخلية ؛ فعلى عكس الدول الديمقراطية التي يلعب فيها التقطيع الانتخبي دورا في المشهد السياسي وبالتالي في موازين قوى السياسية فانه في المغرب " النظام السياسي هو الذي يؤتر في نظام الاقتراع وليس العكس "(7)
فالتقطيع الانتخابي" ليس مسالة تقنية وبسيطة , بل على العكس انها مرحلة مدمجة في مجموع العملية الانتخابية على اساس انها قمينة بالتاثير في مجموع نتائج الاقتراعات بنفس درجة نمط الاقتراع , انها الية حقيقية للادارة للتحكم في الخريطة الانتخابية لان احترام قاعدة المساواة بين الناخبين هو جعل صوت كل واحد منهم يتمتع بنفس الوزن السياسي "(8)
حسب قاعدة رجل واحد صوت واحد, لذلك تظل الاحزاب السياسية دائما غير راضية على كل التقطيعات السابقة بدعوى المس بمبدأ مساواة الناخبين والمنتخبين من دائرة لاخرى (9)
بالرغم من المبادرات السياسية الرامية إلى المشاركة في التقطيع الانتخابي فان " التقطيع لازال محروسا من طرف السلطات الادارية فالذي يمسك بلجام التقطيع هو الذي يمتلك مفاتيح الانتخابات (10)
تقطيع الاتخابات التشريعية لسنة 2007 اغرق بالدوائر ذات المقعدين او الثلاتة مقارنة مع التقطيع السابق (2002) وخصوصا في المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية المرتفعة , هذا الامر من شانه ان يؤدي إلى تعطيل عملي لمفعول نمط الاقتراع وتكريس نمط الاقتراع الفردي , بالاضافة إلى الاخلال بالتوازن بين المقاعد..
كما ان تداعيات التقطيع غير الموضوعي تؤدي إلى التاثير السلبي على نمط الاقتراع وتعطيل مفعوله , لذاك يطظل التقطيع الانتخابي موضوع طلب ان يكون محل تداول بين الجميع وان يمر عبر البرلمان أي ان يصدر بمقتضى قانون وليس بمرسوم حتى تتمكن الاحزاب من مناقشته عوض ان يكون موضوعا للمساومة الحزبية ويساثر بوضعه الجهز التنفيذي الذي هو موضع اتهام دائر بخلق دوائر النتخابية على المقاس(11)
* رهانات الانتخابات
هناك مجموعة من الرهانات للانتخابات المغربية نجملها في ثلاثة رهانات أساسية :1- الرهان البيداغوجي
لاشك أن لكل العمليات الانتخابية رهانا بيداغوجيا, ذلك ان هذا الأخير محايث لفكرة الانتخاب في حد ذاتها. فباعتبارها إدارة لتدبير الاختلاف بين الفرقاء داخل المجتمع الواحد ووسيلة للتحكيم بين الأفكار والاختيارات, ليست في العمق سوى تعبير سلوكي عن فكرة القبول بالاخر والعيش المشترك. لكن هل هذا الدور البيداغوجي نجده في الدول المتخلفة؟
لا إذا كانت الكتلة الناخبة في الدول الديمقراطية مسيسة ورهانها الأساسي هو اختيار مدبري الشأن العام , فانه في الدول المتخلفة ومن بينها المغرب حيث لازالت الحدود غير واضحة بين المجال الخاص والمجال العام وتصعب امر ظهور الفرد ككيان منعتق فكريا من تبعيته للجماعات (12)التي لازال الانتماء اليها محددا لهويته مما ينعكس سلبا على إمكانية تحوله إلى مواطن قادر على الاضطلاع بدوره كذات حقوقية أمام الدولة.
وفي جميع الأحوال فان هذه الحالة السوسيو ذهنية لا يمكن إلا أن تنتج سوى تمثلات سلبية عن السياسي والسياسة وبالتالي عن الانتخابات والديمقراطية (13)
وعلى هذا الأساس فان المساهمة في تربية وتأطير الجماهير تصبح رهانا أساسيا للانتخابات المغربية التي يراد لها في العمق أن تشكل في الوقت الراهن على الاقل قناة للتنشاة السياسية أكثر من أن تلعب دورها الكلاسيكي في تمكين المحكومين من اختيار حكامهم(14)
2- تكريس الإجماع حول مقاربة الدولة للاصطلاح
إذا كانت الانتخابات في الدول الديمقراطية تؤدي إلى تدول السلطة والتناوب بين فرقاء المشهد السياسي في تدبير السان العام فإنها في الدول المتخلفة ومن بينها المغرب تلعب دورا مهما في الحفاظ على السلطة بل تضمن لها الاستمرارية.
حتى ولو كانت الحكومة منبثقة من البرلمان فان البناء الدستوري في المغرب يجعل صناعة القرار خارج المؤسسات المنتخبة. فأصحاب القرار في المغرب لا ينتخبون فمع ذلم فهم في حاجة إلى انتخابات تخلق الانطباع بوجد تفويض شعبي للسلطة الحاكمة.
3- التحكم في التعددية الحزبية
استطاعت السلطات المغربية التحكم في التعددية الحزبية عن طريق الانتخابات باعتبارها إلية للتحكم في الخريطة السياسية؛ في الماضي كانت السلطات تستعمل التزوير والإقصاء المباشر أما الآن فهي تحقق نفس الهدف لكن بوسائل جديدة وحديثة كالتحكم في القوانين الانتخابية ونمط الاقتراع..
خاتمة: للخروج من الوضعية الراهنة على المغرب أن يقوم بإصلاحات سياسية ودستورية تعيد الثقة للمؤسسات والأمل للشعب المغربي؛ فلا يمكن الحديث عن الانتقال الديمقراطي في غياب انتخابات حقيقية تعبر عن إرادة الشعب المغربي.
المراجع:-1-موقع kb.qcat.net
2- نفس الموقع
3- موقع ستار تايمز 2
4- محمد ظريف أزمة الأحزاب السياسية المغربية –الحدث العدد 6 سنة 2000
5- ن م
6- مجلة وحهة نظر العدد33-34 سنة 2007 ص 27
7- ن م ص21
8- ن م ص21
9- ن م
10 ن م
11- ن م
12- مجلة وجهة نظر العد 33-34 سنة 2007 ص 17
13- ن م
14- ن م

رؤساء الجماعات ومصلحة الشعب المغربي بقلم محمد الحنفي

مرسلة بواسطة جمعية المدونين المغاربة On 20:52 0 التعليقات

هل من مصلحة الرؤساء الجماعيين خدمة الشعب المغربي ؟!
1) إن طرح هذا السؤال في العنوان أعلاه يقتضي منا أن نعمل، و أن نعلم على السواء أن الرؤساء الجماعيين لم يصلوا إلى المسؤوليات الجماعية في مختلف الجماعات المحلية في المغرب بطريقة ديمقراطية , نظرا للتزوير المتنوع و المتعدد الأوجه الذي طال الانتخابات الجماعية في المغرب منذ بداية استقلال المغرب، كما أشرنا إلى ذلك في مقال سابق، ما دام التزوير هو الذي حمل هؤلاء جميعا إلى المسؤوليات الجماعية. و لذلك فوصولهم إلى هذه المسؤوليات ليس من اجل خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة في كل جماعة مغربية على حدة. بل من اجل استغلال الموارد الجماعية لأجل إحداث تراكم رأسمالي لصالح الرؤساء الجماعيين و لصالح مسؤولي السلطات الوصية على جميع المستويات، و لصالح الطبقة الحاكمة، و لصالح المتزلفين من البورجوازية الصغرى الهجينة و المتخلفة، و المتقمصة للبؤس، و المنبطحة أمام أعتاب الرؤساء الجماعيين. و لذلك نرى أن الإجابة تقتضي أنه ليس من مصلحة الرؤساء الجماعيين خدمة مصالح الشعب المغربي لأن ذلك يعني أن هؤلاء الرؤساء سوف يفقدون إمكانية إحداث تراكم رأسمالي لصالحهم، و سوف يعجزون عن الاستجابة لخدمة مصالح مسؤولي السلطة الوصية، و سوف يمتنعون عن خدمة مصالح الطبقة الحاكمة وسوف يطردون المتزلفين و المنبطحين من شرائح البورجوازية الصغرى، لتكون استفادة الجماهير الشعبية الكادحة من الخدمات الجماعية، هي الحاضرة في مسلكية الرؤساء الجماعيين على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و في جميع مناحي الحياة.
2) فما الذي يجعل الرؤساء الجماعيين لا يعملون على خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة ؟
إن الشروط الموضوعية التي تعرفها الانتخابات في المغرب هي شروط غير منتجة للممارسة الديمقراطية من بدايتها إلى نهايتها، بل إن التزوير هو الذي يتحكم فيها و في كل مرة تجري فيها للاعتبارات الآتية :
الاعتبار الأول : أن الطبقة الحاكمة ذات أصول إقطاعية متخلفة عمل الاستعمار و المؤسسة المخزنية على تحويلها إلى بورجوازية. و بورجوازية كهذه لا يمكن أن تكون إلا مستبدة. هذا بالإضافة إلى أن شرائح أخرى من هذه البورجوازية أتت إما من استغلال النفوذ السلطوي، و من الارشاء و الارتشاء، و من استغلال الموارد الجماعية، و من التهريب، و من الاتجار في المخدرات و هكذا. و هذه الشرائح المختلفة من البورجوازية لا ننتظر منها أن تكون ديمقراطية. و بالتالي فإن الرؤساء الجماعيين الذين ينتمون عادة إلى هذه الطبقة الحاكمة، أو يسبحون في فلكها، لا يمكن أن يحملوا إلا عقلية الاستبداد، التي تفرض أنهم لا يكونون أبدا في خدمة الجماهير الشعبية الكادحة.
و الاعتبار الثاني : أن المغرب لا يتوفر على دستور ديمقراطي من وضع مجلس تأسيسي ينتخبه الشعب المغربي انتخابا حرا و نزيها، تحت إشراف هيأة مستقلة، لأجل وضع دستور يكرس سيادة الشعب على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية عن طريق جعل الدستور الديمقراطي متلائما مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
و الاعتبار الثالث : هو غياب قوانين انتخابية و بضمانات كافية يمكن اعتمادها لإجراء انتخابات حرة و نزيهة حتى يتم وضع حد لكل الخروقات المفضوحة التي تقوم بها السلطات الوصية، و الممارسات الدنيئة و المنحطة الصادرة عن التحالف البورجوازي الإقطاعي الذي يعطاه الضوء الأخضر لافساد الحياة السياسية بإشاعة الممارسات السياسية و المنحطة و التي لا تتناسب أبدا مع الممارسة الانتخابية، و المتمثلة في شراء الضمائر، و تقديم الوعود الكاذبة، و إقامة الحفلات الفلكلورية، و إشاعة استهلاك المخدرات و غيرها حتى يسري الفساد السياسي في أوصال المجتمع ككل.
و الاعتبار الرابع : هو أن الانتخابات التي جرت في المغرب أو ستجرى فيه مستقبلا لا تكون إلا مزورة مهما كان الأسلوب المتبع في التصويت، لأنه لا توجد إرادة سياسية لدى المؤسسة المخزنية، و لدى الطبقة الحاكمة، و لدى الأحزاب المشاركة في الانتخابات بما فيها الطبقة البورجوازية الصغرى، و جميع أحزابها التي صارت تتزلف مقعدا انتخابيا، حتى و لو أدى ذلك إلى الانبطاح.
3) و بناء على هذه الاعتبارات، فإن جعل الرؤساء الجماعيين في خدمة مصالح الشعب المغربي يقتضي :
أ- وضع حد للشروط الموضوعية القائمة، و التي تؤدي الى تجديد الطبقة الحاكمة و من يسبح في فلكها حتى يستطيع المواطنون التخلص من الفساد الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي الذي يؤدي إلى إفساد العملية الانتخابية.
ب- العمل على إيجاد الدستور الديمقراطي الذي تكون فيه السيادة للشعب، و الذي لا يكون إلا متلائما مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان حتى يكون مصدرا للتشريعات المختلفة، و منها إيجاد قوانين انتخابية نزيهة.
ج- إيجاد قوانين انتخابية و بضمانات كافية لإجراء انتخابات حرة و نزيهة، و من تلك الضمانات ردع حالات الفساد السياسي، و ردع كل من يساهم بشكل أو بآخر في عملية التزوير، و بواسطة الهيأة المستقلة المشرفة على الانتخابات و التي تكون لها سلطة الضابطة القضائية حتى تحيل مجرمي الانتخابات مباشرة على المحاكم المختصة التي تعقد لهذه الغاية.
د- توفير الإرادة السياسية اللازمة لدى أجهزة الدولة المختلفة و لدى الطبقة الحاكمة، و لدى الأحزاب السياسية بصفة عامة، و لدى الأحزاب السياسية المشاركة في الانتخابات بصفة خاصة، حتى تكون تلك الإرادة خير حصانة لقيام انتخابات حرة و نزيهة لإفراز مجالس جماعية تكون في خدمة الجماهير الشعبية الكادحة بدل أن تبقى مجرد مفرخة للبورجوازية المتعفنة و المتخلفة.
4) و الرؤساء الجماعيون الذين تفرزهم انتخابات حرة و نزيهة يصيرون جزءا من سيادة الشعب، يقدمون الخدمات لصالحه، و يدافعون عنه، و يعملون على أن تكون الجماعات المحلية أداة لانتاج الممارسة الديمقراطية الحقيقية التي تعكس إرادة الشعب المغربي و تحترم تلك الإرادة، و تعمل على تجسيد مضامين الديمقراطية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية.
فهل يمكن توفير الإرادة السياسية اللازمة لاجراء انتخابات حرة و نزيهة ؟
ابن جرير في 24/08/ 2005
محمد الحنفي

مخاوف المغاربة من تزوير الانتخابات

مرسلة بواسطة جمعية المدونين المغاربة On 20:45 0 التعليقات

عن موقع مغاربية
2009-04-30
مع اقتراب الانتخابات الجماعية في المغرب، يعمل بعض السياسيين ونشطاء مكافحة الفساد جنبا إلى جنب لحماية الاقتراع من التزوير.
سارة الطواهري من الرباط لمغاربية – 30/04/09

[Getty Images] قال وزير الداخلية شكيب بنموسى إنه يجب على الأحزاب السياسية أن تقود الطريق نحو الإصلاح الانتخابي بتسمية مرشحين جديرين بالثقة.
مع اقتراب الانتخابات الجماعية المغربية في يونيو، يناقش السياسيون والمواطنون على حد سواء إجراءات تحسين عملية التصويت والوقاية من تزوير الانتخابات.
ولقد تم إحراز تقدم حسب مدير ترانسبارنسي المغرب عز الدين أقصبي. وفي تقرير له الثلاثاء 28 أبريل عن الإطار القانوني للانتخابات، أشار إلى إدخال إجراءات جديدة للتسجيل والتصويت على اعتباره بمثابة نجاحات.
في حين قال إن هناك الكثير يجب القيام به في سبيل تنقيح الانتخابات وخاصة فيما يتعلق بالمراقبة المحايدة.
وتحدث الملك المحمد السادس عن أهمية معالجة الفساد حسب قول البرلماني فوزي الشعبي لكن "لم يتم إنجاز أي شيء ملموس بعد في هذا السياق".
ويتفق مع هذا الرأي لحسن الداودي من حزب العدالة والتنمية. وقال إن السلطات ليست لديها رغبة حقيقية في التعاطي مع مشكل التزوير بفعالية رغم الإجراءات التي يُعلن عنها قبل كل انتخابات.
وخلال حملة للتوعية أطلقت في 20 أبريل، دعا وزير الداخلية شكيب بنموسى الأحزاب السياسية لبدء العمل في تنقيح الانتخابات بأنفسهم وذلك بتقديم مرشحين جديرين بالثقة.
ومن بين الأفكار الأخرى المعلن عنها مؤخرا تكوين لجان للمراقبة من أجل الإشراف على الحملات الانتخابية. ادريس لاشقر من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية قال إنه يمكن للجان أن تردع بعض الأشخاص عن استعمال الأموال لشراء الأصوات وذلك بمراقبة أنشطتهم عن قرب.
وفي 24 أبريل، وقع وزيرا الداخلية والعدل دورية مشتركة حول جهود تنقيح الانتخابات 2009، بما في ذلك إجراءات وقائية ورادعة "تهدف إلى إحباط أي سلوك قد يربك السير الجيد للانتخابات".
وتدعو الوثيقة السلطات عبر البلاد لاعتماد موقف من "الحياد الإيجابي" نحو العملية الانتخابية و "تبليغ مكتب الوكيل العام والسلطات المركزية عن كافة حالات الغش".
وستحذر الحكومة أيضا المرشحين من آثار الغش بما فيها المتابعة الجنائية ضد الجناة.
كما فرضت السلطات حظرا على استعمال الأموال العامة من قبل المجالس المحلية والمؤسسات العمومية وشبه العمومية خلال فترة الحملة الانتخابية.
وحددت وزارة الداخلية سقفا للمبالغ المالية التي يمكن صرفها في الحملات الانتخابية يصل إلى 50 ألف درهم عن كل مرشح. وطلبت ترانسبارنسي المغرب من الحكومة تنصيب آليات قانونية لضمان مراقبة الوثائق الداعمة للمرشحين بعد الانتخابات.
ويُرجى من هذه الإجراءات رفع ثقة المواطنين وخاصة الشباب منهم في العملية السياسية. ومع ذلك عبر الكثير من الأشخاص عن مخاوفهم.
سلوى ابراهيمي، طالبة، قالت "رغم تنصيب الإجراءات لا أعتقد أنه سيتم الحد من الفساد".
وقالت لمغاربية إن الأحزاب السياسية ليست لديها الرغبة في محاربة التزوير لأنها تواصل اختيار المرشحين الذين يستعملون أساليبا خفية. وختمت بالقول "لكنها خطوة للأمام. لا يمكنك اقتلاع التزوير بين عشية وضحاها. سيستغرق ذلك وقتا طويلا".

بحث هذه المدونة الإلكترونية

إلى اعلى الصفحة

الانتخابات الجماعية المغربية 2009 ستشهد: