قراءة نقدية في الانتخابات المغربية بقلم نور الدين علوش

مرسلة بواسطة جمعية المدونين المغاربة On 20:59

مقدمة: إذا كانت الانتخابات في الدول الديمقراطية تعبر عن إرادة الشعوب ومصداقية العمل السياسي, فانها في المغرب لازالت بعيدة كل البعد عن إرادة الشعب المغربي ولا تعبر بصدق عن الخرطة السياسية المغربية.
بالرغم من كل الخطوات التي قطعها المغرب في الانتقال إلى الديمقراطية إلا أن جوهر الديمقراطية أي الانتخابات لازالت تعاني الكثير من الشوائب ولم نصل بعد إلى ما يطمح إليه الشعب المغربي في انتخابات نزيهة وتمثيلية سياسية حقيقية.
* المفهوم
الانتخاب عملية يدلي فيها الناس بأصواتهم للمرشح، أو الاقتراح الذي يفضلونه. وتُجرى الانتخابات لاختيار المسئولين في كثير من التنظيمات مثل الجمعيات والنقابات العمالية والنوادي الرياضية والاجتماعية، وكثير من المؤسسات العامة والخاصة.
يعتبر حق الانتخاب في الدول الديمقراطية، من أهم الممارسات السياسية. فهي وسيلة لنقل السلطة بطريقة سلمية من شخص أو مجموعة إلى شخص آخر أو مجموعة أخرى. وفي كثير من البلاد، يجرى أحيانًا، نوع آخر من الانتخابات يعرف باسم الاستفتاء للبت في مسائل دستورية أو سياسية مهمة.
تختلف إجراءات ونظم الانتخابات من بلدٍ لآخر، إلا أن هناك أسسًا معينة يجري العمل بها في كثير من البلاد.
وفي الغالب، يُنتخب رؤساء الدول والحكومات والهيئات التشريعية على فترات منتظمة. وإذا توفي عضو الهيئة التشريعية أو استقال، تُعقد انتخابات فرعية لانتخاب بديل يحل محله.
وفي البلدان الديمقراطية، يحق لكل المواطنين، فوق عمر محدد -عادة 18 أو 21 سنة- الإدلاء بأصواتهم ماداموا مسجلين، ولم يفقدوا هذا الحق لسبب أو لآخر. ويستثنى من ذلك الذين يعانون من مرض عقلي ومرتكبي بعض أنواع الجرائم.
تُجرى انتخابات الهيئات التشريعية (البرلمانات) عادةً، بالاقتراع السري. فكل شخص حر في التصويت دون أن يتأثر بالآخرين. وتتحدث وسائل الإعلام التي تشمل: الإذاعة والتلفاز، والمجلات والصحف عن المرشحين وعن المسائل المهمة المطروحة في الانتخابات بحرية(1)
الحملات الانتخابية
أغلب المرشحين في الانتخابات البرلمانية في كثير من البلاد، أعضاء في أحزاب سياسية. والأحزاب السياسية هي التي تختار مرشحيها وتساعدهم على الفوز بالدعاية لهم. ويقوم قادة الأحزاب بإلقاء الخطب ونشر البيانات عن سياسات أحزابهم.كما ينشط المتطوعون من كل حزب في دعوة الناس لتأييد مرشحي الحزب. وقد يتقدم بعض المرشحين للانتخاب مستقلين. وفي الوقت الحاضر، تلعب الإذاعة والتلفاز والصحف دورًا مهمًا في الحملات الانتخابية.
وفي يوم الانتخاب، يشرف على عمليات الاقتراع مسؤولون رسميون، للتأكد من سلامتها ودقة فحص عدد الأصوات الناخبة.
يتم الاقتراع في كثير من البلاد، بالتأشير على ورقة اقتراع ووضعها في صندوق الاقتراع الذي يكون عادةً، في غرفة خاصة دون رقيب. وفي بعض البلاد كالولايات المتحدة، تستخدم آلة تسجل كل اقتراع. وتضع كثير من البلاد قوانين صارمة تعاقب على أي عمل من شأنه إفساد نزاهة الانتخابات، مثل: رشوة الناخبين أو انتحال شخصية مقترع آخر.
كان حق الانتخاب في الماضي، قاصرًا على عدد قليل من الناس، فمثلاً لم تنل المرأة هذا الحق في بعض البلاد، إلا مؤخرًا. انظر: الحركة النسائية.
مازالت الانتخابات الديمقراطية في بعض البلاد غير متطورة، أو لم تطبق. ومنذ الثمانينيات من القرن العشرين تحول كثير من بلاد شرق أوروبا وإفريقيا من نظام الحزب الواحد إلى الانتخابات الحرة والتعددية الحزبية(2)
النظم الانتخابية
يقصد بالنظم الانتخابية عادة الأساليب والطرق المستعملة لعرض المترشحين وبرامجهم على الناخبين وفرز الأصوات وتحديد النتائج، والفقهاء يتفقون على أن الانتخابات هي الوسيلة الوحيدة لإسناد السلطة السياسية لمستحقيها في النظام الديمقراطي، حيث يقول الأستاذ ليون بردات في كتابه (الأيديولوجيات السياسية) بأنه لا يوجد شيء أهم في النظام الديمقراطي من الانتخاب(3)
* محددات السلوك السيياسي للمواطن المغربي
للحديث عن السلوك السياسي للمواطن المغربي يجب التمييز بين المحددات العامة لهذا السلوك ومحدداته الخاصة.
فماهي المحددات العامة؟ تنقسم المحددات العامة إلى نوعين :ماهو موضوعي حيث يمكن الاشارة إلى محددين هما الفقر والامية, وماهو ذاتي يمكن الاشارة إلى محددين : ضعف الالتزام الحزبي واللامبالاة(4)
اما المحددات الخاصة فيتم الحديث عنها في اطار الثقافة الانتخابية للمواطن المغربي , التي تتاسس على 3 عناصر :- العنصر الاول يرتبط بالكيفية الت ييتم بها تمثل دور المؤسات المنتخبة , حيث يتم التركيز على مصدراتخاد القرار وهو في جميع الحالات لايكمن فيها.
- العنصر الثاني يرتبط بالكيفية التي يتم بها تمثل طبيعة العمل داخل المؤسسسات المنتخبة فهو تشريف وليس تكليف بتعبير اوضح المؤسسات المنتخبة هي وسيلة للحصول على امتيازات وليس وسيلة للقيام بالتزامات
- العنصر الثالت يعود إلى عدم الايمان بجدوى التصويت , في هذه الثقافة لا يعتبر الصوت محددا مادام ان هنناك اليات اخرى محددة , وبالتالي يغدو التصويت مجرد تزكية وليس اختيارا.(5)
* ملاحظات حول الانتخابات المغربية
هناك مجموعة من الملاحظات ينبغي الاشارة اليها :- اولا ظاهرة انخفاظ المشاركة في الانتخابات المغربية منذ استحقاقات 1984 على الاقل
-ثانيا يلاحظ بوضوح ان ظاهرة مقاطعة الانتخابت المغربية تتزايد رقعتها كلما قل تدخل الدولة ( وزارة الداخلية بالتحديد)
- ان نمط الاقتراع في حد ذاته ادى إلى بعثرة العمق السوسيولوجي للقاعدة الانتخابية للمرشحين سواء في البوادب او في المدن. واذاكان ملموسا اليوم ان نمط الاقتراع الجاري به العمل نظام فاشل على مستوى التحليل السياسي للنتائج النهائية الرسمية من حيث يؤدي إلى انتاج حقل سياسي ضعيف لا وجود فيه لاقطاب سياسية قوية قادرة على تجديد المشهد وتغيير الحياة السياسية في المغرب فان هذا النمط من الاقتراع في حد ذاته بحكم قيامه على نظام الدوائر الانتخابية الشاسعة ادى كذلك إلى ضعف تواصل المرشحين مع الناخبين
- كانت نسبة المشاركة في انتخابات 2007 ضعيفة بنسبة قياسية رغم الحملة الحكومية القوية والواسعة النطاق للدعوة إلى المشاركة(6)
* التقطيع الانتخابي وهندسة المشهد السياسي
اذاكان التقطيع الانتخابي في الدول الديمقراطية من اختصاصات البرلمان فانه في المغرب من اختصاص الحكومة وخاصة الوزارة الداخلية ؛ فعلى عكس الدول الديمقراطية التي يلعب فيها التقطيع الانتخبي دورا في المشهد السياسي وبالتالي في موازين قوى السياسية فانه في المغرب " النظام السياسي هو الذي يؤتر في نظام الاقتراع وليس العكس "(7)
فالتقطيع الانتخابي" ليس مسالة تقنية وبسيطة , بل على العكس انها مرحلة مدمجة في مجموع العملية الانتخابية على اساس انها قمينة بالتاثير في مجموع نتائج الاقتراعات بنفس درجة نمط الاقتراع , انها الية حقيقية للادارة للتحكم في الخريطة الانتخابية لان احترام قاعدة المساواة بين الناخبين هو جعل صوت كل واحد منهم يتمتع بنفس الوزن السياسي "(8)
حسب قاعدة رجل واحد صوت واحد, لذلك تظل الاحزاب السياسية دائما غير راضية على كل التقطيعات السابقة بدعوى المس بمبدأ مساواة الناخبين والمنتخبين من دائرة لاخرى (9)
بالرغم من المبادرات السياسية الرامية إلى المشاركة في التقطيع الانتخابي فان " التقطيع لازال محروسا من طرف السلطات الادارية فالذي يمسك بلجام التقطيع هو الذي يمتلك مفاتيح الانتخابات (10)
تقطيع الاتخابات التشريعية لسنة 2007 اغرق بالدوائر ذات المقعدين او الثلاتة مقارنة مع التقطيع السابق (2002) وخصوصا في المدن الكبرى ذات الكثافة السكانية المرتفعة , هذا الامر من شانه ان يؤدي إلى تعطيل عملي لمفعول نمط الاقتراع وتكريس نمط الاقتراع الفردي , بالاضافة إلى الاخلال بالتوازن بين المقاعد..
كما ان تداعيات التقطيع غير الموضوعي تؤدي إلى التاثير السلبي على نمط الاقتراع وتعطيل مفعوله , لذاك يطظل التقطيع الانتخابي موضوع طلب ان يكون محل تداول بين الجميع وان يمر عبر البرلمان أي ان يصدر بمقتضى قانون وليس بمرسوم حتى تتمكن الاحزاب من مناقشته عوض ان يكون موضوعا للمساومة الحزبية ويساثر بوضعه الجهز التنفيذي الذي هو موضع اتهام دائر بخلق دوائر النتخابية على المقاس(11)
* رهانات الانتخابات
هناك مجموعة من الرهانات للانتخابات المغربية نجملها في ثلاثة رهانات أساسية :1- الرهان البيداغوجي
لاشك أن لكل العمليات الانتخابية رهانا بيداغوجيا, ذلك ان هذا الأخير محايث لفكرة الانتخاب في حد ذاتها. فباعتبارها إدارة لتدبير الاختلاف بين الفرقاء داخل المجتمع الواحد ووسيلة للتحكيم بين الأفكار والاختيارات, ليست في العمق سوى تعبير سلوكي عن فكرة القبول بالاخر والعيش المشترك. لكن هل هذا الدور البيداغوجي نجده في الدول المتخلفة؟
لا إذا كانت الكتلة الناخبة في الدول الديمقراطية مسيسة ورهانها الأساسي هو اختيار مدبري الشأن العام , فانه في الدول المتخلفة ومن بينها المغرب حيث لازالت الحدود غير واضحة بين المجال الخاص والمجال العام وتصعب امر ظهور الفرد ككيان منعتق فكريا من تبعيته للجماعات (12)التي لازال الانتماء اليها محددا لهويته مما ينعكس سلبا على إمكانية تحوله إلى مواطن قادر على الاضطلاع بدوره كذات حقوقية أمام الدولة.
وفي جميع الأحوال فان هذه الحالة السوسيو ذهنية لا يمكن إلا أن تنتج سوى تمثلات سلبية عن السياسي والسياسة وبالتالي عن الانتخابات والديمقراطية (13)
وعلى هذا الأساس فان المساهمة في تربية وتأطير الجماهير تصبح رهانا أساسيا للانتخابات المغربية التي يراد لها في العمق أن تشكل في الوقت الراهن على الاقل قناة للتنشاة السياسية أكثر من أن تلعب دورها الكلاسيكي في تمكين المحكومين من اختيار حكامهم(14)
2- تكريس الإجماع حول مقاربة الدولة للاصطلاح
إذا كانت الانتخابات في الدول الديمقراطية تؤدي إلى تدول السلطة والتناوب بين فرقاء المشهد السياسي في تدبير السان العام فإنها في الدول المتخلفة ومن بينها المغرب تلعب دورا مهما في الحفاظ على السلطة بل تضمن لها الاستمرارية.
حتى ولو كانت الحكومة منبثقة من البرلمان فان البناء الدستوري في المغرب يجعل صناعة القرار خارج المؤسسات المنتخبة. فأصحاب القرار في المغرب لا ينتخبون فمع ذلم فهم في حاجة إلى انتخابات تخلق الانطباع بوجد تفويض شعبي للسلطة الحاكمة.
3- التحكم في التعددية الحزبية
استطاعت السلطات المغربية التحكم في التعددية الحزبية عن طريق الانتخابات باعتبارها إلية للتحكم في الخريطة السياسية؛ في الماضي كانت السلطات تستعمل التزوير والإقصاء المباشر أما الآن فهي تحقق نفس الهدف لكن بوسائل جديدة وحديثة كالتحكم في القوانين الانتخابية ونمط الاقتراع..
خاتمة: للخروج من الوضعية الراهنة على المغرب أن يقوم بإصلاحات سياسية ودستورية تعيد الثقة للمؤسسات والأمل للشعب المغربي؛ فلا يمكن الحديث عن الانتقال الديمقراطي في غياب انتخابات حقيقية تعبر عن إرادة الشعب المغربي.
المراجع:-1-موقع kb.qcat.net
2- نفس الموقع
3- موقع ستار تايمز 2
4- محمد ظريف أزمة الأحزاب السياسية المغربية –الحدث العدد 6 سنة 2000
5- ن م
6- مجلة وحهة نظر العدد33-34 سنة 2007 ص 27
7- ن م ص21
8- ن م ص21
9- ن م
10 ن م
11- ن م
12- مجلة وجهة نظر العد 33-34 سنة 2007 ص 17
13- ن م
14- ن م

0 Response to "قراءة نقدية في الانتخابات المغربية بقلم نور الدين علوش"

إرسال تعليق

بحث هذه المدونة الإلكترونية

إلى اعلى الصفحة

الانتخابات الجماعية المغربية 2009 ستشهد: